كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٤
أكثر عددا من أحدهما وهذا موضح عن تناهيهما وبهذا الدليل نعلم أيضا تناهى جميع ما مضى من الحركات و السكنات ومن الاجتماعات والافتراقات ومن الطيور والبيض والشجر والحب وما يجرى مجرى ذلك (معارضة) قال الملحدون هذا الكلام عائد عليكم في نعيم المؤمنين في الجنة وعذاب الكافرين في النار وقد زعمتم كل واحد منهما لا نهاية له ولستم تذهبون إلى أن أحدهما أكثر من الأخر فنخاطبكم بما ذكرتم ولكن نقول لكم انهما بمجموعهما أكثر عددا من أحدهما وهذا يوجب تناهيهما جميعا وحصرهما (انفصال) يقال لهم هذا الذي ذكرتموه لا يصح في المستقبلات وهو لازم لكم في الماضيات لأن الاعداد إذ يضم بعضها إلى بعض بعد وجودها وحصرها وعدد الليل والنهار الماضيات فقد وجد أو انحصرا بالفراغ منهما والوقوف عند آخرهما فصح ضم بعضها إلى بعض وأمكن ما ذكرنا فيهما والمستقبلات من نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار فأمور متوقعة لم توجد وليس لها آخر لأنها تكون دائمة بغير انقضاء وما لم يوجد من العدد فلا يصح فيه ضم بعض إلى بعض وما يتوقع حدوثه ابدا بغير نهاية لا يكون مثل ما قد حدث وكان وتناهى بادراك آخره في كل حال (دليل آخر) ومما يدل على أن للأفعال الماضية أولا كونها ووجودها ولو لم يكن لها أول ما صح وجودها لأنها كالعدد الذي لا يصح ان يتوالى إلا أن يكون له أول أما واحدا أو جملة يبتدأ بها تقوم مقام الواحد (انفصال) قيل لهم لا يجب ذلك من قبل ان المستقبل منوطة بقدرة القادر والعاد يصح منه ان يعد ما دام حيا فإذا كان ليس لوجوده آخر صح ان ليس لعده آخر ومع ذلك فلا بد من أن يكون لعدده أول (دليل آخر) ومما يدل على أن الافعال لا يصح وجودها إلا بعد ان يبدأ بأولها انه لو قيل لرجل لا تدخلن دارا حتى تدخل قبلها غيرها لم يصح منه دخول شئ من الدور ابدا ولم يمكن ذلك إلا بان يبتدأ بواحدة منها (سؤال) فإن قالوا هذا يستحيل كما ذكرتم في المستقبل من الافعال لأنه لا بد للمستقبلات من أول فمن أين لكم ان هذا حكم الماضيات (جواب) قيل لهم علمنا ذلك من قبل ان الماضيات قد كانت مستقبلة قبل وجودها ومضيها فلو لم يكن لها أول ما صح وجودها و بعد فلو رأينا هذا الرجل الذي مثلنا به وهو يدخل دارا بعد دار فقلنا له هل كان بعد دخولك هذه الدور ابتداء حتى يقول لنا لم ابتدا بدار منها ولا دخلت دارا حتى دخلت قبلها دورا لا تتناهى فعلمنا انه كاذب
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»