كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٨٩
الا أخبركم بأشقى الأشقياء قالوا بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة نعوذ بالله من ذلك (و) قال أمير المؤمنين عليه السلام الفقر يخرس الفطن عن حجته * والمقل غريب في بلده و من فتح على نفسه بابا من المسألة فتح الله عليه بابا من الفقر وقال عليه السلام العفاف زينة الفقر * والشكر زينة الغنى * وقال من كساه الغنى ثوبه * خفى عن العيون عيبه * وقال من أبدى إلى الناس ضره * فقد فضح نفسه * وخير الغنى ترك السؤال * وشر الفقر لزوم الخضوع * وقال استغن بالله عمن شئت تكن نظيره * واحتج إلى من شئت تكن أسيره * وأفضل على من شئت تكن أميره * وقال لا ملك اذهب للفاقة من الرضا بالقنوع * وروى أن الماء صب على صخرة فوجد عليها مكتوبا إنما يتبين الفقر والغنى بعد العرض على الله عز وجل وقال رجل للصادق عليه السلام عظني فقال لا تحدث نفسك بفقر ولا بطول عمر (وقيل) ما استغنى أحد بالله إلا افتقر الناس إليه (وقيل) الفقير من طمع والغني من قنع وانشد لأمير المؤمنين عليه السلام * ادفع الدنيا بما اندفعت * واقطع الدنيا بما انقطعت * يطلب المرء الغنى عبثا * والغنى في النفس لو قنعت * ومن قطعة لأبي ذؤيب * والنفس راغبة إذا رغبتها * وإذا ترد إلى قليل تقنع * لمحمود الوراق * (أراك يزيدك الاثراء حرصا * على الدنيا كأنك لا تموت * فهل لك غاية ان صرت يوما * إليها قلت حسبي قد غنيت * تظل على الغنى ابدا فقيرا * تخاف فوات شئ لا يفوت * واغنى منك ذو طمرين * راض من الدنيا ببلغة ما يفوت * وله أيضا * يا عائب الفقر الا تزدجر * عيب الغنى أكبر لو تعتبر * من شرف الفقر ومن فضله * على الغنى ان صح منك النظر * انك تعصى لتنال الغنى * ولست تعصى الله ان تفتقر *) لغيره * ارى أناسا بأدنى الدين قد قنعوا * ولا أراهم رضوا في العيش بالدون * فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما * استغنى الملوك بدنياهم عن الدين (فصل) في الكلام في الأرزاق اعلم أن الرزق في الحقيقة هو التمليك واصل التمليك من الله تعالى وهو الرازق للعباد وقد جعل بحكمته وعلمه من مصالح بريته أرزاقهم على قسمين أحدهما ما يوصله إليهم من غير سعي يكون منهم ولا اكتساب ولا تحمل شئ من المشاق كالمواريث ونحوها من الأمور المتيسرات والاخر مشترط بحركة العبد وسعيه واجتهاده وحرصه فمن سعى ناله ومن قعد فاته وقد أمر الله تعالى بالاكتساب والطلب فقال تعالى * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * الجمعة وقال * (ان الذين تدعون من دون لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه) * العنكبوت فلا يجوز مخالفة أمر الله تعالى وترك التكسب والطلب وليس ذلك بمضاد للتوكل على الله تعالى لأن له التعرض ومنه الطلب وقد اجرى العادة بان لا يؤتى هذا القسم من الرزق الا بعد الحركة والطلب ومثل ذلك كثير في أفعاله تعالى التي قد اجرى العادة بان لا يفعلها إلا بعد فعل يقع من العباد قبلها كالولد بعد الوطئ والنبات بعد الزرع والسقي وليس المجتهد في كل وقت مرزوقا وذلك لأن العطاء والمنع والزيادة في الرزق والنقص منوط
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»