من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) * إذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح عليه السلام أفتقول انه في النار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله انزل القرآن علي بكلام العرب والمتعارف في لغتها وعند العرب ان ما لا يعقل ومن لمن يعقل والذي يصلح لهما جميعا فان كنتم من العرب فأنتم تعلمون هذا قال الله تعالى * (انكم وما تعبدون) * يريد الأصنام التي عبدوها وهي لا تعقل والمسيح عليه السلام لا يدخل في جملتها لأنه يعقل ولو قال إنكم ومن تعبدون لدخل المسيح عليه السلام في الجملة فقال القوم صدقت يا رسول الله وفي الخبر دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحاج ويناظر ويعارض ويفصل ويوضح الجواب لسائله ويثبت الحجة على خصمه ولا يدعو إلى التقليد بل يوضح التقليد بإقامة الدليل فإن قال قائل إذا كان الذين عبدوا الأصنام في النار لشركهم وكفرهم فلأي وجه تكون الأصنام في النار معهم وهي لم تكفر ولا يصح ان يعذب أيضا ما ليس بحي قلنا إن المراد بذلك ان يرى العابدون لها انها لم تغن عنهم شيئا وانها بحيث هم لا تدفع عن أنفسها لو كانت حية قادرة ولا عنهم وعلى هذا المعنى يتأول قوله سبحانه * (وقودها الناس والحجارة) * وانها الحجارة التي عبدوها وهي الأصنام قال الله تعالى حكاية عن أهل النار لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون (سؤال عن آيات) ان سئل سائل فقال ما معنى قول الله تبارك وتعالى * (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه) * هود وقوله تعالى في موضع آخر * (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) * المرسلات وقال في موضع آخر * (فاقبل بعضهم على بعض يتسائلون) * الصافات والطور وظاهر هذه الآيات مختلف لأن بعضها ينبئ عن أن النطق لا يقع منهم في ذلك اليوم ولا يؤذن لهم فيه وبعضها ينبئ عن خلافه فالجواب انه تعالى إنما أراد بما نفا نفي النطق المسموع المقبول الذي يكون لهم فيه حجة أو عذر ولم ينف النطق الذي ليست هذه حاله ويجري هذا مجرى قولهم خرس فلان عن حجته ومرادهم بذلك انه لم يأت بحجة ينتفع بها وإن كان قد تكلم كلاما كثير وقولهم حضرنا فلانا يناظر فلم يقل شيئا والمراد انه لم يأت بكلام سديد وقول صحيح وإن كان قد قال قولا غزيرا فاطلقوا اللفظ في الكلام والمراد ما ذكرناه وقد قال الشاعر (شعر) أعمى إذا ما جارتي خرجت * حتى يواري جارتي الخدر * ويصم عما كان بينهما * سمعي ويأتي غيره وقر * وهذا التأويل في نفي القول لا يمنع من وقوع التسائل والتلاوم بينهم الذي ليس لهم فيه حجة ولا يثمر فائدة فاما
(٢٨٦)