فأما العامة فلا (١) تنحصر أغلاطهم، ولا تجتمع في الإمامة مناقضاتهم، لأن زللهم غير قليل، والتعجب منهم طويل، وكيف لا يتعجب ممن قتل الدليل، والتمس السبيل، واتهم (٢) الهداة، وطلب النجاة، وهجر (٣) اليقين، واتبع الظنون، وكره الائتلاف، ورضي الاختلاف؟!
وكيف لا يتعجب ممن يتقرب إلى الله سبحانه بمعاداة أوليائه، ويدينه بموالاة أعدائه، ويطلب طاعته من معصيته، ويلتمس ثوابه بمخالفته؟!
بل كيف لا يتعجب من قوم ادعوا الشريعة وغيروها، وانتحلوا الملة وبدلوها، وضيعوا الفرائض واختلفوا فيها، وتركوا السنة وانتسبوا إليها؟! قوم غلبتهم العصبية، وملكتهم الحمية [حمية الجاهلية]، وأضلتهم الأهواء، وضلت عنهم الآراء، فعميت أبصارهم، وصدئت أفكارهم، وتناقضت أقوالهم، وتباينت أفعالهم، [فهم] في ظلمات غيهم تائهون، وبأذيال جهلهم عاثرون، وعن الحق حائدون (٤)، وللحق معاندون، ﴿أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون﴾ (5).
وأنا متبع ما رغب فيه الأخ الرشيد، أدام الله له التسديد، من عمل هذا الكتاب، وإيراد ما حضرني (6) في فصوله من كل باب، من مناقضات القوم في الإمامة وأغلاطهم، وغلوهم في المعاندة وإفراطهم، مما يقتضي التعجب منهم، ويوجب