المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٧٤
معاذيرهم في القيامة، وأن لهم فيها اللعنة، وهي الطرد عن الخير والثواب والتبعيد لهم عن ذلك، * (ولهم سوء الدار) * يعني العاقبة وهو خلودهم في العقاب. وهذا يبطل الشبهة في أن الحسين عليه السلام لم يتوجه إليه الوعد بالنصر، لأنه قتل وقتل معه بنوه وأهل بيته، وأسر الباقون منهم، إذ النصر المعني ما ذكرناه.
وليس في قتل الرسل في الدنيا وظفر أعدائهم في الأولى وإن كانوا هم الأعلون عليهم بالحجة، والغالبون لهم بالبرهان والدلالة، ويوم القيامة ينتصر الله لهم منهم بالنقمة 1 الدائمة حسب ما بيناه وقد قالت الإمامية: إن الله تعالى ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم، والكرة التي وعد بها المؤمنين، وهذا لا يمنع 2 من تمام الظلم عليهم حينا مع النصر لهم في العاقبة حسب ما ذكرناه.
فصل. فأما قوله إن الله غضب لناقة فأهلك الأرض ومن عليها، فالغضب من الله تعالى لم يكن للناقة وإنما كان لمعصية القوم له فيها، وجرأتهم على خلافه فيما أمرهم به في معناها، وقد عقرت على كل حال، ونصر الله تعالى نبيه صالحا عليه السلام بالحجة عليهم لأنه كان أخبرهم بتعجيل النقمة منه 3 على عقر الناقة، ولو كان النبي صلى الله عليه آله أخبر بذلك لعجل لقاتليه 4 العذاب، ولما أخر عنهم إلى يوم المآب، ولو علم الله تعالى أن تعجيل العذاب لقاتل الحسين عليه السلام من اللطف في الدين [16 ظ] مثل اللطف الذي كان في تعجيل العذاب لعاقري 5 الناقة لعجله كتعجيل ذلك، لكنه تعالى علم اختلاف الحالين في الخلق، وتباين الفريقين في اللطف، فدبر الجميع بحسب ما تقتضيه الحكمة من التدبير. وهذه أسئلة شديدة الضعف، وشبهات ظاهرة الوهن والاضمحلال. والله نسأل 6 التوفيق

1 - حش: بالنعمة.
2 - رض، مل: لا يمتنع.
3 - حش، مل: منهم.
4 - رض، مل: لقاتله.
5 - رض، مل: لعاقر.
6 - رض: نسأله.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»