قلنا إن الحياة بعد النقلة عن هذه الدار تعم أهل الكفر والإيمان لم يفسد ذلك علينا أصلا في الدين. وكانت الحياة لأهل الإيمان شرطا في وصول اللذات إليهم، والحياة لأهل الكفر شرطا في وصول الآلام إليهم بالعقاب 1.
المسألة السادسة والعشرون وسأل فقال: خبرني 2 عن قول الله تعالى: * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب) * 3. فالوحي قد عرفناه فما الحجاب؟ وهل يقع الحجاب إلا على محدود وكيف صورة الكلام؟
والجواب 4، أن الوحي الذي عناه الله تعالى في هذه الآية ما سمعه الرسول بغير واسطة، والمسموع من وراء الحجاب هو الكلام [18 ظ] الذي تؤديه 5 الوسائط إلى الرسل والبشر من غيرهم، وليس الحجاب المعني في هذه الآية هو الشئ الذي يستر المتكلم عمن كلمه، ويحول بينه وبين مشاهدته كما ظنه السائل، لكنه ما وصفناه من الرسل والوسائط بين الخلق وبين الله تعالى، فشبههم بالحجاب الذي يكون بين الانسان وبين غيره عند الكلام، فيسمعه من ورائه ولا يرى المتكلم من أجله، والعرب تستعير للتشبيه والتمثيل، ولا تضع ذلك موضع الحقائق، إذ لو وضعته موضع الحقيقة لم تكن مستعيرة للأمثال. وقد قال الله عز ا سمه: * (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) * 6.
فصل. وأما قوله: كيف صورة الكلام؟ فالكلام أيضا مما لا صورة له لأنه عرض لا يحتمل التأليف، والصورة هي ذات التأليف. غير أنا نراه أراد بالصورة الحقيقة،