المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٥٠
إذ كانت ولاية الله ورسوله صلى الله عليه وآله للخلق إنما هي فرض الطاعة التي تجب للرعية. وهذا كاف في معنى الآية عن إطالة خطب ينتشر به الكلام.
فصل. مع أن الولاية في اللغة وإن كانت تكون بمعنى المودة فإنها في هذا الموضع غير متوجهة إلا إلى معنى فرض الطاعة، لأن قوله تعالى: " إنما وليكم الله " جار مجرى قوله: " لا ولي لكم إلا الله " (1) ومحال أن يقصد بالولاية هاهنا المحبة والمودة ولأنه (2) قد أخبر في آية أخرى أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فدل على أن الولاية بهذه (3) الآية خاصة لأمير المؤمنين (4)، عليه السلام بمعنى يزيد على المودة، ولا وجه لما زاد على معنى المودة إلا ما ذكرناه من فرض الطاعة، المقتضي لصاحبه من الخلق التقدم بالإمامة (5) على من عداه من الأنام. وفي هذا القدر مع إيجازه غناء (6) عما سواه، والإبانة (7) عما ذكرناه من تضمن الآية النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة حسب ما قدمناه.
فصل. وقد اشتبه على ضعفة من مخالفينا اختصاص أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية المذكورة في القرآن، لظاهر لفظ العموم في قوله (8): " والذين آمنوا " فأنكروا لذلك أن يكون المعني بها أمير المؤمنين عليه السلام، وهو واحد، وهذا بعد منهم عن اللغة، إذ كانت قد أتت بمثله في مواضع كثيرة من القرآن كقوله تعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر " (9)، وهو لفظ عموم اختص بالباري وحده تعالى (10).

(1) - في الأصل وحش: الأولى لكم الله. صححناها على رض ومل.
(2) - رض، مل: لأنه.
(3) - حش، رض، مل: في هذه.
(4) - حش: بأمير المؤمنين.
(5) - رض، مل: بالإمام.
(6) - رض، مل: غنى.
(7) - رض، مل: وفي الإبانة.
(8) - رض: + تعالى.
(9) - سورة الحجر (15): 9.
(10) - رض: خص بالباري تعالى وحده.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»