فصل. وأما مسألتهم (1): من أين صار النص أولى من الاختيار؟ فالجواب (2) أنه كان كذلك لأن من شرط الإمام أنه الأفضل عند الله والأعلم الأشجع الأصلح، وذلك مما لا يعلم المستحق له على التعيين بالعقل و لا بالحدس (3)، فثبت أنه لا طريق إليه إلا بالنص من العالم بالسرائر، والتوقيف منه عليه.
وأيضا فإن الإمام يجب أن يكون معصوما كعصمة النبي صلى الله عليه وآله و لا طريق إلى العلم بالعصمة إلا من جهة النص من صادق عن الله، أو علم معجز خارق للعادات.
وأيضا فإن الاختيار طريقه السمع دون العقول. وليس في الشرع فرض الاختيار ولا إباحته، فبطلت الدعوى له في الإمامة، وفي بطلانها ثبوت النص والتوقيف.
فصل. وأما سؤالهم (4)، في الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه استخلف أبا بكر على الصلاة. فالجواب (5) أن ذلك من أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، وما كان هذا سبيله لم تثبت (6) به حجة في الدين، ولأن الخبر بذلك جاء مختلفا في لفظه ومعناه اختلافا يتناقض، والقصة واحدة، فدل على فساده بحسب ما ذكرناه.