الإمامة، من عقل ولا عادة ولا شرع ولا لسان. وقد استخلف رسول الله صلى الله عليه وآله ابن أم مكتوم على الصلاة في المدينة 1، ولم يكن ذلك دليلا على استخلافه في الأنام 2. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، وغيرهم من المهاجرين الأولين، واستخلفه عليهم في الحرب والصلاة، ولم يكن ذلك دليلا على استخلافه في الإمامة العظمى على الأنام. واستخلف عمر بن الخطاب صهيبا مولاه على الصلاة بالمسلمين في مدة أيام الشورى، ولم يكن في ذلك دليل على استخلافه في مقامه على الأنام.
هذا وهم أنفسهم يروون عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " صلوا خلف كل بر وفاجر " 3، فأباح الصلاة خلف الفجار، وما أباحه لأمته جاز أن يتولى فعله، فلا يكون في تقديمه 4 رجلا للصلاة بالناس دليل على بره وطهارته، فضلا عن أن يكون في دليل على إمامته للأنام 5، مع أنهم قد ناقضوا فيما اعتقدوه ورووه من الأخبار، فرووا أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " يؤمكم خياركم 6 " فأوجب 7 بهذا القول إلى 8 أن يكون الإمام خيرا من المأموم.