بغير اختلاف، وكانت له الإمامة بعده في حال، على الاجتماع (1) في ذلك وعدم التنازع فيه بين جمهور العلماء، فوجب أن يكون معينا بالآية على ما بيناه. وإذا كانت الآية مفيدة لفرض طاعته على حسب إفادتها طاعة النبي صلى الله عليه وآله (2) ثبت بذلك (3) إمامته في تنزيل القرآن (4).
فصل. ومن ذلك قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (5)، وقد ثبت أن المنادى به غير المنادى إليه، وأن المأمور بالاتباع غير المدعو إلى اتباعه. فدل ذلك على أن (6) المأمورين باتباع الصادقين ليسوا هم الأمة بأجمعها، وإنما هم طوائف منها، وأن المأمور باتباعه غير المأمور بالاتباع (7)، و لا بد من تمييز الفريقين بالنص، وإلا وقع الالتباس (8) وكان فيه تكليف ما لا يطاق.
فلما بحثنا عن المأمور باتباعه وجدنا القرآن دالا عليه بقوله تعالى: " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكثاب والنيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " (9) فذكر سبحانه خصا لا تقتضي لصاحبها بمجموعها التصديق والصدق، ودل على أنه عنى بالصادقين - الذين