المسألة العاشرة. وسأل عن قوله تعالى: " لمن الملك اليوم " (1) فقال: هذا خطاب منه لمعدوم، لأنه يقوله عند فناء الخلق. ثم يجيب نفسه فيقول: " الله الواحد القهار " (1). وكلام المعدوم سفه لا يقع من حكيم، وجوابه نفسه عن سؤاله المعدوم أو تقريره إياه خلاف للحكمة والعقول (2).
والجواب - وبالله التوفيق - إن الآية غير متضمنة (3) للخبر عن خطاب معدوم و لا تقرير لغير موجود، بل فيها ما يوضح الخبر عن تقرير لموجود وهو قوله عز وجل: " لينذر يوم التلاق * يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ " (4). ويوم التلاق هو يوم الحشر عند التقاء (6 و) الأرواح والأجساد، وتلاقي الخلق بالاجتماع في الصعيد الواحد. وقوله: " يوم هم بارزون "، يؤكد ذلك، إذ كان البروز (5) لا يكون إلا لموجود، والمعدوم لا يوصف بظهور ولا بروز. فدل ذلك على أن قوله تعالى: " لمن الملك اليوم " خطاب للموجود (6)، وتقرير لفاعل ثابت العين غير معدوم. ثم ليس في الآية أن الله تعالى هو القائل ذلك، بل فيها قول غير مضاف إلى قائل بعينه، فيحتمل أن يكون القائل ملكا أمر بالنداء، فأجابه أهل الموقف.
ويحتمل أن يكون الله تعالى هو القائل مقررا غير مستخبر، والمجيبون هم البشر المبعوثون، أو الملائكة الحاضرون، أو الجميع مع الجان وسائر المكلفين. غير أنه ليس في ظاهر الآية ولا باطنها ما يدل على أن الكلام لمعدوم، على ما ظنه السائل وأقدم على القول به، من غير بصيرة ولا يقين (7).
ووجه آخر وهو أن قوله عز وجل: " ممن الملك اليوم " يفيد وقوعه في حال إنزال (8)