المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٤٤
، ولا يفتقر في صحة العقل (1) لها إلى كيفية الفاعل (2). ولم يكن الفاعل فاعلا من حيث كانت له كيفية. ولا ذلك من حده وحقيقته ولا من شرط كونه فاعلا، بل حقيقة الفاعل خروج مقدوره إلى الوجود وهو معناه. وكل فاعل خارج مقدور. إلى الوجود فهو فاعل، فأما كون الشئ جسما أو جوهر أفليس من حدود الفاعلين و لا من حقائقهم ولا من (3) شروطهم، على ما ذكرناه.
والذي يدل على ذلك، أنه قد يعرف الفاعل فاعلا من لا يعتقد. جسما و لا جوهرا لا يعرفه بذلك. ويعرف الجسم جسما والجوهر جوهرا من لا يعتقده فاعلا ولا يعلمه كذلك ولا يجوز الفعلية منه، فعلم أن المتكلم لا يحتاج في كونه متكلما إلى كيفيته (4) إذ كان معنى المتكلم وحقيقته من فعل الكلام، بدلالة أن كل من عرف شيئا فاعلا للكلام، عرفه متكلما. وكل من عرفه متكلما، علمه فاعلا للكلام.
، ومن اشتبه الأمر في فعله للكلام اشتبه في كونه متكلما. وهذا واضح لمن تأمله، إن شاء الله.
(فصل) (5) فأما الوصف لكلام الله تعالى بأنه نطق، فمنكر من القول. و لا يجوز وصف الباري تعالى بالنطق وإن وصف بالكلام، إذ ليس معنى النطق معنى الكلام بل هما مختلفان في لسان العرب غير متفقين، إذ كان المتكلم عندهم من فعل الكلام، على ما بيناه. والناطق ما كانت له أصوات تختص بآلته المنبثة (1) في جملة جسمه، وإن لم تكن تلك الأصوات كلاما مفهوما، على ما ذكرناه. ولو لم يكن به شرع ولا تضمنه القرآن ولا أطلقه أحد من أئمة أهل الإيمان، لكفى، فكيف والقول فيه ما ذكرناه.

1 - رض، مر، رض 2: الفعل.
2 - حش، رض، مل: للفاعل.
3 - " من "، ليس في باقي النسخ.
4 - رض، مل، مر، رض 2: كيفية.
5 - أثبتناها عن مر و رض 2.
6 - حش: المثبتة. رض 2: بآلة منبثة.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»