المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٣٣
والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر " 1. وقال: هذه كلها جمادات لا حياة لها 2 فكيف تكون ساجدة لله؟ وما معنى سجودها المذكور؟
والجواب - وبالله التوفيق - أن السجود في اللغة التذلل 3 والخضوع، ومنه سمي المطيع لله ساجدا لتذلله بالطاعة لمن أطاعه. وسمي واضع جهته على الأرض ساجدا لمن وضعها له لأنه تذلل بذلك له وخضع. والجمادات وإن فارقت الحيوانات بالجمادية فهي متذللة لله عز وجل من حيث لم تمتنع من تدبيره لها وأفعاله فيها. والعرب تصف الجمادات بالسجود وتقصد بذلك، ما شرحناه في معناه ألا ترى إلى قول الشاعر، وهو زيد الخيل:
بجمع تضل البلق في حجراته ترى الأكم فيه سجدا للحوافر أراد أن الأكم الصلاب في الأرض لا تمتنع من هدم حوافر الخيل لها وانخفاضها بها بعد الارتفاع. وقال سويد الشاعر:
ساجد المنخر لا يرفعه خاشع الطرف أصم المستمع والتذلل بالاضطرار والاختيار لله عز اسمه يعم الجماد والحيوان الناطق والمستبهم معا. فالمتذلل لله تعالى بالاختيار والفعل من نفسه 5 هو الحي العاقل المكلف المطيع. والمتذلل له بالاضطرار هو الحي المستبهم والناطق الناقص (2 ظ) عن حد التكليف، والكامل الكافر أيضا.
والجمادات جميعهم مصرف بتدبير الله تعالى وغير ممتنع من أفعاله به وآثاره فيه، فالكل إذا سجد لله جل اسمه متذلل له خاضع، على ما بيناه. وهذا ما لا يختل معناه على من له فهم باللسان.
1 - سورة ا لحج (22): 18.
2 - مرا، رض 2: + ولا نطق.
3 - رض: هو التذلل والخشوع. مل، مر " رض 2: هو التذلل.
2 - " بذلك " ساقطة من رض.
5 - مر، رض 2: باختيار وعقل.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»