المسائل الجارودية - الشيخ المفيد - الصفحة ٦
وذكر أنهم لما حبسوا في هذا الموضع أشكل عليهم أوقات الصلاة، فجزؤوا القرآن خمسة أجزاء، فكانوا يصلون الصلاة على فراغ كل واحد منهم من حزبه (*)، وكان عدد من بقي منهم خمسة، فمات إسماعيل بن الحسن فترك عندهم فجيف، فصعق داود بن الحسن فمات، وأتي برأس إبراهيم بن عبد الله فوجه به المنصور مع الربيع إليهم فوضع الرأس بين أيديهم و عبد الله يصلي، فقال له إدريس أخوه أسرع في صلاتك يا أبا محمد، فالتفت إليه وأخذ الرأس فوضعه في حجره، وقال له أهلا وسهلا يا أبا القاسم، والله لقد كنت من الذين قال الله عز وجل فيهم:
الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل " إلى آخر الآية، فقال له الربيع كيف أبو القاسم في نفسه، قال كما قال الشاعر:
فتى كان يحميه من الذل سيفه ويكفيه أن يأتي الذنوب اجتنابها ثم التفت إلى الربيع فقال: قل لصاحبك قد مضى من بؤسنا أيام ومن نعيمك أيام، والملتقى، القيامة. قال الربيع: فما رأيت المنصور قط أشد انكسارا منه في الوقت الذي بلغته الرسالة... (1).
لم تخمد نائرة القتال بقتل محمد وإبراهيم وعشيرتهما، فخرج جماعة من الزيدية، وأكثرهم من بني الحسن بن علي (ع) على العباسيين، وقد عد أبو الحسن الأشعري في مقالاته خمسة وعشرين نفرا من العلويين الذين خرجوا على الخلفاء العباسيين في بلاد مختلفة وقتلوا جميعا (2).

* جزئه ظ.
(1) مروج الذهب، 2 / 242.
(2) راجع ترجمة مقالات الاسلاميين، ص 48، ومقاتل الطالبين " وفيها أحوالهم وكيفية خروجهم ومقاتلهم.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»