عليا عليه السلام سلم لهما ذلك، بمنزلة رجل كان له حق على رجل فتركه له، ووقفت في أمر عثمان، وشهدت بالكفر على من حارب عليا، وسموا البترية، لأنهم نسبوا إلى كثير النوى، وكان المغيرة بن سعيد يلقب بالأبتر.
وقالت الجريرية إن عليا كان الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن بيعة أبي بكر وعمر كانت خطأ لا يستحق عليه اسم الكفر، ولا اسم الفسوق، وأن الأمة قد تركت الأصلح، وبرئت من عثمان سبب أحداثه، وشهدت عليه وعلى من حارب عليا بالكفر.
وقالت الجارودية: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نص على علي عليه السلام بالإشارة والوصف، دون التسمية والتعيين، وأنه أشار إليه ووصفه بالصفات التي لم توجد إلا فيه، وأن الأمة ضلت وكفرت بصرفها الأمر إلى غيره، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله نص على الحسن والحسين عليهما السلام بمثل نصه على علي، ثم إن الإمام بعد هؤلاء الثلاثة ليس بمنصوص عليه، ولكن الإمامة شورى بين الأفاضل من ولد الحسن والحسين، فمن شهر منهم سيفه ودعا إلى سبيل ربه وباين الظالمين، وكان صحيح النسب من هذين البطنين، وكان عالما زاهدا شجاعا، فهو الإمام (1).
وافترقت الجارودية في نوع آخر ثلاث فرق:
أ - فرقة زعمت أن محمد بن عبد الله النفس الزكية بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب لم يمت ولا يموت، حتى يملأ الأرض عدلا، وأنه القائم المهدي المنتظر عندهم، وكان محمد بن عبد الله خرج على المنصور فقتل بالمدينة.
ب - وفرقة زعمت أن محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حي لم يمت ولا يموت، حتى يملأ الأرض عدلا، وأنه المهدي المنتظر عندهم، وكان محمد بن القاسم هذا خرج على المعتصم بالطالقان