المسائل الجارودية - الشيخ المفيد - الصفحة ٤
وخرج محمد بالمدينة عام 145 ه‍ أيام المنصور، ثاني الخلفاء العباسيين، فأرسل المنصور إلى قتاله عيسى بن موسى، فقاتلوا محمدا بالمدينة حتى قتل، وقد كان تفرق أخوة محمد وولده في البلدان يدعون إلى إمامته، فكان فيمن توجه، ابنه علي بن محمد إلى مصر، فقتل بها، وسار عبد الله إلى خراسان فهرب لما طلب إلى السند، فقتل هناك، وسار ابنه الحسن إلى اليمن فحبس فمات في الحبس، وسار أخوه موسى إلى الجزيرة، ومضى أخوه يحيى إلى الري وطبرستان. ومضى أخوه إدريس بن عبد الله إلى المغرب فأجابه خلق من الناس فبعث المنصور من اغتاله فيما احتوى عليه من مدن المغرب، وقام ولده إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه السلام مقامه، فعرف البلد بهم، فقيل بلد إدريس بن إدريس...
ومضى إبراهيم أخوه إلى البصرة وظهر بها (1) فأجابه أهل فارس والأهواز وغيرهما من الأمصار في عساكر كثيرة من الزيدية وجماعة ممن يذهب إلى قول البغداديين من المعتزلة وغيرهم (2)، ومعه عيسى بن زيد بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فسير إليه المنصور عيسى بن موسى وسعيد بن مسلم في العساكر، فحارب حتى قتل في الموضع المعروف بباخمرى، وذلك على ستة عشر فرسخا من الكوفة من أرض الطف. وقتل معه من الزيدية من شيعته أربعمائة رجل وقيل خمسمائة (3).
ولم يخمد نائرة القتال من الزيدية بقتل محمد وإبراهيم ابني عبد الله، فخرج جماعة من الزيدية بعدهما وأكثرهم من ولد الحسن بن علي عليه السلام، وقد عد أبو الحسن الأشعري في مقالاته خمسة وعشرين نفرا من العلويين الذين خرجوا

(1) وكان خروجه في أول رمضان، وخروجه من البصرة أول ذي القعدة (تاريخ اليعقوبي، 113 / 3).
(2) وقد كان أحصى ديوانه فكانوا ستين ألفا (تاريخ اليعقوبي).
(3) مروج الذهب 2 / 238، طبعة المطبعة البهية بالقاهرة سنة 1346 ه‍.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»