في الأرض أحد يعلم علم هؤلاء القوم غيري وغير رجل من يهود بابل. فيسألونه عن أحوالهم فلا يخبر أحدا من الناس، حتى يبلغ ذلك الطاغية، فيوجه في حملة إليه، فإذا حضره قال له الملك: قد بلغني ما قلت، وقد ترى ما أنا فيه فأصدقني إن كانوا مرتابين قتلت بهم من قتلهم. ويخلص من سواهم من التهمة.
قال الراهب: لا تعجل - أيها الملك - ولا تحزن على القوم، فإنهم لم يقتلوا ولن يموتوا، ولا حدث بهم حدث يكرهه الملك، ولا هم ممن يرتاب بأمرهم ونالتهم غيلة، ولكن هؤلاء قوم حملوا من أرض الملك إلى أرض مكة إلى ملك الأمم، وهو الأعظم الذي لم تزل الأنبياء تبشر به وتحدث عنه وتعد بظهوره وعدله وإحسانه.
قال له الملك: ومن أين لك هذا؟
قال: ما كنت لأقول إلا حقا، فإنه عندي في كتاب قد أتى عليه أكثر من خمسمائة سنة، يتوارثه العلماء آخر عن أول.
فيقول له الملك: فإن كان ما تقول حقا، وكنت فيه صادقا، فاحضر الكتاب فيمضي في إحضاره. ويوجه الملك معه نفرا من ثقاته، فلا يلبث حتى يأتيه بالكتاب فيقرأه، فإذا فيه صفة القائم (عليه السلام) واسمه واسم أبيه، وعدة أصحابه وخروجهم.
وأنهم سيظهرون على بلاده.
فقال له الملك: ويحك، أين كنت عن إخباري بهذا إلى اليوم؟
قال: لولا ما تخوفت أنه يدخل على الملك من الإثم في قتل قوم أبرياء ما أخبرته بهذا العلم حتى يراه بعينه ويشاهده بنفسه.
قال: أو تراني أراه؟
قال نعم، لا يحول الحول حتى تطأ خيله أواسط بلادك، ويكون هؤلاء القوم أدلاء على مذهبكم.
فيقول له الملك: أفلا أوجه إليهم من يأتيني بخبر منهم، وأكتب إليهم كتابا؟
قال له الراهب: أنت صاحبه الذي تسلم إليه وستتبعه وتموت فيصلي عليك رجل من أصحابه.
والنازلون بسرنديب وسمندر أربعة رجال من تجار أهل فارس، يخرجون عن