فقالت: يا أخي (1)، لم أره بعيني، فإني خرجت وأختي حبلى وأنا خالية، وبشرني الحسن (عليه السلام) بأني سوف أراه آخر عمري، وقال: تكونين له كما أنت لي. وأنا اليوم منذ كذا وكذا سنة بمصر، وإنما قدمت الآن بكتابه ونفقة وجه بها إلي على يد رجل من أهل خراسان، لا يفصح بالعربية، وهي ثلاثون دينار، وأمرني أن أحج سنتي هذه، فخرجت رغبة في أن أراه.
فوقع في قلبي أن الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم رضوية، وكنت حملتها على أن ألقيها في مقام إبراهيم (عليه السلام) فقد كنت نذرت ذلك ونويته، فدفعتها إليها، وقلت، في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة (عليهما السلام) أفضل مما ألقيها في المقام وأعظم ثوابا، وقلت لها ادفعي هذه الدارهم إلى من يستحقها من ولد فاطمة (عليهما السلام)، وكان في نيتي أن الرجل الذي رأيته هو، وإنما تدفعها إليه، فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت، وقالت: يقول لك ليس لنا فيها حق، فاجعلها في الموضع الذي نويت، ولكن هذه الرضوية خذ منها بدلها وألقها في الموضع الذي نويت، ففعلت ما أمرت به عن الرجل.
ثم كانت معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بآذربيجان، فقلت لها:
تعرضين هذه النسخة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب و (2) يعرفها.
فقالت: ناولني فإني أعرفها. فأريتها النسخة، وظننت أن المرأة تحسن أن تقرأ، فقالت: لا يمكن أن أقرأ في هذا المكان. فصعدت به إلى السطح، ثم أنزلته فقالت:
صحيح. وفي التوقيع: إني أبشركم ما سررت به وغيره.
ثم قالت: يقول لك: إذا صليت على نبيك (عليه السلام)، فكيف تصلي عليه؟
فقلت: أقول: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كأفضل ما صليت وبارك وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".