الباب قارع، فعدوت مسرعا، فإذا أنا بكافور خادم مولانا أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) يدعوني إليه، فلبست ثيابي، فدخلت عليه، فرأيته يحدث ابنه أبا محمد (عليه السلام)، وأخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر، إنك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف، وأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها سوابق الشيعة في الولاية، بسر أطلعك عليه، وأنفذك في تتبع أمره. وكتب كتابا لطيفا بخط رومي، ولغة رومية، وطبع عليه خاتمه، وأخرج سبيكة صفراء، فيها مائتان وعشرون دينارا، فقال: خذها وتوجه إلى مدينة بغداد، واحضر معبر الفرات، ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانب زواريق السبايا وبرزت (1) الجواري منها، فستحدق بهن طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس، وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمرو بن يزيد (2) النخاس عامة نهارك، إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا، لابسة حريرين صفيقين (3)، تمنع من السفور، وليس يمكن التوصل (4) والانقياد لمن يحاول لمسها، فيشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخاس، فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه!
فيقول بعض المبتاعين: علي بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة.
فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود على مثل سرير ملكه، ما بدت لي فيك رغبة، فاشفق على مالك.
فيقول النخاس: فما الحيلة؟ ولا بد من بيعك؟
فتقول الجارية: وما العجلة، ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إلى أمانته ووفائه. فعند ذلك قم إلى عمرو بن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتابا لطيفا لبعض