كنت فيه بالشام ثم مضى.
فلما كان من عام قابل أيام الموسم إذا أنا به وفعل بي مثل ما فعل في العام (1) الماضي، وردني إلى الشام، فقلت له: سألتك بحق الذي أقدرك على ما أرى، إلا ما أخبرتني من أنت (2).
قال: فأطرق طويلا، ثم نظر إلي فقال: أنا محمد بن علي بن موسى. وذهب (3).
فأخبرت أهلي وولدي، فما خرج الحديث عن المحلة حتى قالوا: يدعي النبوة، ورفع خبري إلى السلطان، فما شعرت حتى حملت كما تراني. فقلت: ارفع قصته إلى محمد بن عبد الملك الزيات. فكتبتها ورفعتها إليه كما كانت قصته، فوقع في القصة:
قل (4) لمن بلغ بك إلى هذه المواضع - إن كان صادقا - أن يخرجك من حبسك.
قال علي بن خالد: فغمني ذلك وعزيته بالصبر، وعرضت عليه مالا فأبى أن يأخذه، وكان هذا يوم الخميس، فلما كان يوم الجمعة قصدته (5) لأسلم عليه، فرأيت السجان وسط الرواق، قال: قد وضع صاحبك الذي تفقدته البارحة حديده وسط السجن وخرج، لا أدري اجتذبته الأرض أم ارتفع إلى السماء.
فخرجت إلى الجامع وبقيت بعد ذلك في العسكر سنين كثيرة، فما رأيت أحدا ذكر أنه رآه إلى يوم الناس هذا. (6)