وطرحت الدنانير عنده، فجر بعضها إليه، ودفع بعضها بيده، ثم قال لي: يا مبارك، ادفع هذه الدنانير إلى شعيب، وقل له: يقول لك أبو الحسن: ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه، فإن صاحبتها تحتاج إليها.
قال: فخرجت من عنده، وقدمت على شعيب، فقلت له: قد رد عليك من الدنانير التي بعثت بها خمسين دينارا، وهو يقول لك: ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه، فما قصة هذه الدنانير، فقد دخلني من أمرها ما الله به عليم.
فقال: يا مبارك، إني طلبت من فاطمة أختي خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير، فامتنعت، وقالت: أريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان، فأخذتها سرا، ولم ألتفت إلى كلامها. قال شعيب: فدعوت بالميزان فوزنتها، فإذا هي خمسون دينارا، لا تزيد ولا تنقص.
قال: فوالله، لو حلفت عليها أنها دنانير فاطمة لكنت صادقا.
قال شعيب: فقلت لمبارك: هو والله إمام فرض الله طاعته، وهكذا صنع بي (1) أبو عبد الله (عليه السلام) الإمام من الإمام. (2) 291 / 34 - وروى الحسن، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي، عن الحسن، عن أبيه علي بن أبي حمزة، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام) مبتدئا من غير أن أسأله عن شئ: يا علي، يلقاك غدا رجل من أهل المغرب، يسألك عني، فقل له: هو والله الإمام الذي قال لنا أبو عبد الله (عليه السلام)، وإذا سأل عن الحلال والحرام فأجبه عني.
قلت: ما علامته؟
قال: رجل طوال، جسيم، اسمه يعقوب، وهو رائد قومه، وإذا (3) أحب أن تدخله علي فأدخله.