رجع الحديث وكان سبب وفاته أن معاوية سمه سبعين مرة، فلم يعمل فيه السم، فأرسل إلى امرأته جعدة ابنة محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وبذل لها عشرين ألف دينار، وإقطاع عشر ضياع من شعب سورا (1)، وسواد الكوفة، وضمن لها أن يزوجها يزيد ابنه، فسقت الحسن السم في برادة الذهب في السويق المقند، فلما استحكم فيه السم قاء كبده.
ودخل عليه أخوه الحسين (عليه السلام) فقال له: كيف أنت يا أخي؟
فقال له: كيف يكون من قلب كبده في الطست.
فقال له: من فعل بك؟ لأنتقم. قال: إذن لا أعلمك.
ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين: إذا مت فغسلني، وحنطني، وكفني، وصل علي، واحملني إلى قبر جدي حتى تلحدني إلى جانبه، فإن منعت من ذلك فبحق جدك رسول الله وأبيك أمير المؤمنين وأمك فاطمة، وبحقي عليك إن خاصمك أحد ردني إلى البقيع، فادفني فيه ولا تهرق في محجمة (2) دم.
فلما فرغ من أمره وصلى عليه وسار بنعشه يريد قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلحده معه، بلغ ذلك مروان بن الحكم، طريد رسول الله، فوافى (3) مسرعا على بغلة، حتى دخل على عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند قبر جده، ووالله لئن دفنه معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة.
فقالت له: فما أصنع يا مروان؟
قال: تلحقي به وتمنعي (4) من الدخول إليه.