وفي فضل معاوية على علي، وما ادعى به الأمر لنفسه لطال ذلك. ونخشى أنه لا يصلح لنا به حكومة، لأنا إن حكمنا بخلع معاوية وإثبات علي لم نعدم طاعنا " (1) في ذلك من أهل الشام علينا، ورادا لما حكمنا به. وقد استمال معاوية أكثر أهل الشام، فليسوا براجعين عن نصرته والقيام معه، ولا يرجع هو عن الذي قام فيه وطلبه. وإن نحن أثبتنا معاوية، وخلعنا عليا " كان الخوف في ذلك منه، ومن معه أكثر، فتبقى الفتنة بحالها ويهلك الناس فيها.
ولكن هل لك في شئ يصلح الله به أمر الأمة، ويقطع به الفتنة ويجري ذلك على يديك ويجزل الله به مثوبتك؟
قال أبو موسى: وما هو؟
قال عمرو بن العاص: أن تخلع أنت عليا "، وأخلع أنا معاوية، ثم نقول للناس: اختاروا من شئتم غيرهما، فإن هذين قد صار لكل واحد منهما شيعة وأحزاب وأنصار لا يسلمون الأمر لصاحبه، لما وقع بينهم من الاختلاف وسفك الدماء، ونختار نحن لهم عبد الله بن عمر. فحاله الحال التي قد علمت وقد اعتزل هذه الحروب، فليس أحد ممن كان فيها يكرهه من اجلها، وقد سئم الفريقان الحرب لما نالهم فيها من القتل والجراح وذهاب الأموال والاغتراب عن الأوطان، فلا شك أنهم يجيبون إلى ذلك ويرونه ويتلقونه بالقبول، ويجيب أيضا " إلى ذلك ويسارع إليه كل من اعتزل الطائفتين إذ كان رأي عبد الله بن عمر في ذلك كرأيهم، وكان فيه أحدهم ومكانه منهم ومكان أبيه ما قد علمت.
فجاء عمرو بن العاص من ذلك إلى أبي موسى بكل ما يعتقده، ويشتهيه، ويحبه، ويميل إليه، كما قدمنا ذلك مما كان من أغلب طباعه