الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا " (1) وقال تعالى: " والسابقون السابقون أولئك المقربون " (2). وقال تعالى: " قل لا أسألكم عليه أجرا " إلا المودة في القربى " (3).
فعلي عليه السلام أرفع درجة من معاوية في السبق إلى الإسلام، والعلم، والجهاد، والنفقة في سبيل الله من قبل الفتح، وأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأحق بالخمس من معاوية وعلى معاوية أن يعطيه خمس ما غنمه، وليس له مما غنم علي عليه السلام شئ، مع ما ذكرناه (4) ونذكره في هذا الكتاب من فضائله وما نزل فيه من القرآن مما يوجب له الفضل على معاوية وغيره.
وما من فضيلة تذكر لأحد من الصحابة إلا وعلي عليه السلام له مثلها فقد شاركهم كلهم في فضائلهم، واجتمع فيه ما قد افترق فيهم، وانفرد بكثير من الفضائل دونهم، لم يشركه فيها أحد منهم.
ولما أجاب معاوية عليا " عليه السلام إلى حكم الكتاب، فقد أجاب إلى الدخول في طاعته وأقر بإمامته من حيث لا يدري، وإنما أراد علي صلوات الله عليه اجتماع الناس للحكم بكتاب الله عز وجل لتقرير معاوية على إمامته من الكتاب، إذ فاته قهره بالغلبة بالسيف لاختلاف أصحابه عليه، لما أدخله معاوية عليهم من الشبهة بالحيلة التي دفع بها الغلبة عن نفسه.
فأراد علي عليه السلام أنه يرى من شبه بذلك عليه فساد ما شبه به عليهم، وليعلموا صحيح حقه من باطل معاوية الذي هو عليه، وان الذي دعاهم إليه من رفع المصاحف إنما كانت خديعة منه، ومكرا، وحيلة.