الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٢٨٦
سجاف ابيض لم يبيضه أحد من الناس ممن حضر فأشار المأمون إلى الناس ان هاتوا التراب فالقوه في القبر فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين قال: ويحك فمن يملأه قلت قد امرني لا يطرح التراب عليه وأن القبر سيمتلئ من نفسه وينطبق ويتربع على وجه الأرض ويرش عليه ماء ليس من عند الناس فأشار المأمون إلى الناس ان كفوا فرموا ما في أيديهم من التراب ثم امتلأ القبر وانطبق وتربع على وجه الأرض ورش عليه الماء لم يدر من رشه أزكى من المسك وابيض من اللجين ثم انصرف المأمون وانصرفنا ثم دعاني وأخذ مجلسه ثم قال: والله يا هرثمة لتصدقني عما سمعته من أبي محمد قلت قد أخبرتك يا أمير المؤمنين قال لي: لا والله أو تصدقني عما أخبرك من غير ما قلته لي فقلت: يا أمير المؤمنين نعم تسألني قال: بالله يا هرثمة هل أسر إليك شيئا غير هذا قلت نعم خبر العنب والرمان والسم فاقبل المأمون يتلون ألوانا صفراء وحمراء وسوداء ثم مد نفسه كالمغشي عليه وسمعته يقول في غشيته وهو يجهر ويل المأمون من الله ويل المأمون من الحسن والحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى وويل لأبيه هارون منهم جميعا وويله من موسى بن جعفر ان هذا لهو الخسران المبين يقول هذا القول ويكرره، قال هرثمة: فلما رأيته قد طال عليه الكلام وليت عنه فجلست في بعض الدار فجلس ودعاني إليه وهو كالسكران إذا ثمل فقال لي والله يا هرثمة ما أنت أعز علي منه ولا جميع من في الأرض والسماء والله لئن أعدت مما سمعت و رأيت شيئا ليكونن هلاكك أهون علي مما لم يكن قلت يا أمير المؤمنين ان أظهرت على ذلك أحدا فأنت في حل من دمي قال لا والله أو تعطيني عهدا موثقا انك تكتم هذا الامر ولا تعيده فاخذ مني العهد والميثاق واكده فلما وليت عنه صفق بيديه ثم سمعته يقول يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا.
وعنه عن الحسين بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه، عن محمد بن
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست