الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٢٨٤
ويلحدني فإنه محمد ابني فإذا أرادوا ترابا يلقونه في قبري فامنعهم من ذلك فان القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ ويتربع قال فقلت نعم يا سيدي، ثم قال:
احفظ ما عهدت إليك واعمل به ولا تخالفه قلت أعوذ بالله يا سيدي ان أخالف امرك قال هرثمة: فخرجت باكيا حزينا فلم أزل على ما قال لي ولا يعلم ما في نفسي الا الله ثم دعاني المأمون إليه فدخلت فلم أزل قائما إلى ضحى النهار ثم قال المأمون امض يا هرثمة إلى أبي الحسن فاقرأه مني السلام وقل له: تصير إلينا أو نصير إليك فان قال بلى نصير إليه ونسأله ان يقدم بمصيرنا قال: فجئته فلما طلعت على سيدي الرضا قال لي: يا هرثمة أليس قد حفظت ما وصيتك به قلت بلى فقال: قدموا نعلي فقد علمت ما سالك به فقدمت نعله ومشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه وقبل بين عينيه واجلسه إلى جانبه على سريره واقبل عليه يحادثه من النهار طويلا ثم قال لبعض غلمانه أتوني بعنب ورمان قال هرثمة قال سمعت لم أستطع الصبر ورأيت النفضة قد عرضت في جسدي فكرهت ان يتبين ذلك فرجعت القهقري حتى رميت نفسي في موضع من الدار فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي الرضا (عليه السلام) قد خرج من عنده ورجع إلى داره ثم رأيت الامر قد خرج من عند المأمون باحضار الأولياء والمتفرقين فقلت ما هذا فقال علة عرضت لأبي الحسن علي الرضا (عليه السلام) فكان الناس في شك وكنت انا في يقين لما علمته منه فلما كان في بعض الليل وهو الثلث الثاني علا الصياح وعلت الوجبة من الدار فأسرعت فيمن أسرع فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محلل الازرار قائما ينتحب ويتباكى فوقفت فيمن وقف وانا أحس في نفسي أكاد أتميز من الغيظ فلما أصبحنا جلس المأمون للتعزية ثم قام يمشي إلى الموضع الذي كان فيه سيدنا الرضا (عليه السلام) فقال: اصلحوا لنا موضعا اني أريد ان اغسله فدنوت منه فقلت خلوة يا أمير المؤمنين فاخلى نفسه فأعدت عليه ما قاله لي سيدي بسبب الغسل والكفن والدفن فقال لي
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست