الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ١٤٩
ذراعه ومد يده إلى السماء وتكلم بكلمات مستقبل القبلة فسمعناه يقول كلاما من الإنجيل: طاب طاب الماء، والعلم طيبوثا، واليوح اسمينا، والحايوثا، وإذا يكونا، ثم أهوى بيده المباركة اليمنى إلى الصخرة واقتلعها كالكرة إذا انضربت من اللعب فكبر الناس وظهر الماء على وجه الأرض من تلك العين أبيض زلال لم ير مثله في ماء الدنيا فشربنا وروينا وتزودنا والراهب مشرف في رأس القائمة، فلما استقينا اخذ الصخرة بيده المباركة فردها على تلك العين فكأنما لم تزل ورددنا كلما بحثناه من الرمل وسرنا فلم نبعد، حتى قال لنا: ليرجع بعضكم فلينظر هل لموضع الصخرة اثر؟
فرجعوا يحلفون بالله انهم ما رأوا لها اثرا، وكان وجه القاع عليه سحيق الرمل.
قال: فلما نظر الراهب إلى فعل أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:
هذا والله وصي محمد (صلى الله عليه وآله)، فوجدناه في الإنجيل والزبور ونزل من القائمة، ولحق بأمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أنا أشهد ان أبي أخبرني عن جدي، وكان من حواري سيدنا المسيح (صلوات الله عليه)، والمسيح أخبره بقرب هذا القائم الذي كنت فيه، وبهذه العين الماء الأبيض من الثلج وأعذب من كلما عذب وانه من اجلها بني ذلك الدير والقائم، وإنه لا يستخرجها إلا نبي أو وصي نبي وأنا أشهد أن لا إله الا الا وأن محمدا عبده ورسوله، وإنك وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمؤدي عنه والقائم بالحق إلى يوم القيامة وقد رأيت يا أمير المؤمنين أني أصحبك في سفرك هذا يصيبني ما أصابك من خير وشر فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام: جزاك الله خيرا، ودعا له بالخير، فقال له: يا راهب الزمني وكن قريبا فإنك تستشهد معي بصفين وتدخل الجنة فلما كان ليلة الهرير بصفين والتقى الجمعان قتل الراهب في تلك الليلة فلما أصبح أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال لأصحابه: ادفنوا قتلاكم، وأقبل أمير المؤمنين يطلب الراهب فوجدناه فاخذه وصلى عليه ودفنه في لحده. ثم قال
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست