خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٢٣٧
فقال الشيخ: أنها القاضي الحرب دراية، والتولة رواية، وأنت قررت في حديث الغدير أن الرواية لا تعارض الدراية.
فبهت الشيخ القاضي، ولم يحر جوابا، ووضع رأسه ساعة ثم رفع رأسه، وقال: من أنت؟
فقال: خادمك محمد بن محمد بن النعمان الحارثي.
فقام القاضي من مقامه، وأخذ بيد الشيخ، وأجلسه على مسنده، وقال:
أنت المفيد حقا، فتغيرت وجوه علماء المجلس، فلما أبصر القاضي ذلك منهم قال: أيها الفضلاء والعلماء، إن هذا الرجل ألزمني، وأنا عجزت عن جوابه، فإن كان أحد منكم عنده جواب عما ذكره فليذكر ليقوم الرجل ويرجع مكانه الأول.
فلما انفصل المجلس شاعت القصة واتصلت بعضد الدولة، فأرسل إلى الشيخ فأحضره، وسأله عما جرى فحكى له ذلك، فخلع عليه خلعة سنية، وأخذ له بفرس محلى بالزينة، وأمر له بوظيفة تجري عليه (1).
قلت: قد أورد المولى الفاضل الأوحدي أمير معز الدين محمد بن أمير فخر الدين محمد المشهدي، المعروف في البلاد الهندية بموسى خان، على مناظرة الشيخ اعتراضا، زعم أنه لا مخلص له ولا جواب، واشتهر ذلك في تلك البلاد بشبهة موسى خان، وقد تصدى كثيرون لدفعها، وقد سبقهم في إحراز قصبات هذا الميدان المولى الاجل المشار إليه بالبنان العلامة الأوحد مولانا شاه محمد (2)، في كلام طويل نقله خروج عن وضع الكتاب، من أراده وطلبه

(١) مجالس المؤمنين ١: ٤٦٤.
(٢) وهو العالم الجليل مولانا شاه محمد بن محمد الشيرازي، مؤلف كتاب روضة العارفين في شرح الصحيفة الكاملة، ورسائل متعددة في الحديث والحكمة، وبلغ من العمر قريبا من مائة وثلاثين سنة، وقد بالغ في مدحه تلميذه الفاضل مولانا محمد مؤمن الجزائري - صاحب كتاب خزانة الخيال المعروف - في كتابه طيف الخيال فقال: أخذت كثيرا من الأحاديث والتفاسير وأصناف علوم الحكمة من الطبيعي والإلهي والهيئة والرياضي والمجسطي والموسيقى والأكرات والمتوسطات، وما والاها من الفنون المشكلات، مدة مديدة وسنين عديدة، عن البحر المواج والسراج الوهاج، أنموذج الحكماء المهندسين، وخاتمة الفضلاء المتبحرين، يم العلم المتلاطم أمواجه، وبيت الفضل المتلألأ سراجه، غيث الكرم الذي يفيد ويفيض، ولجة الفيض الذي لا ينضب ولا يغيض.
وأطال الكلام في المدح والثناء... إلى أن قال: أعني أستاذنا ومن به استنادنا، عمدة المحدثين وزبدة المحققين، فخر المتكلمين والحكماء المتألهين، ثقة الاسلام، قدوة الأنام، كنز الإفادة وكعبة الوفادة، معدن المعارف والامام العارف، العلامة الأوحد مولانا شاه محمد اصطهباناتي أصلا ومولدا، الشيرازي موطنا ومنزلا. ثم أطال القول في الدعاء له وذكر محاسن خصاله ومحامد صفاته وفعاله.
وفي رياض العلماء في ترجمة القاضي نور الله صاحب المجالس [5: 274]: واعلم أن من أسباط هذا السيد الفاضل السيد علي بن السيد علاء الدولة بن السيد ضياء الدين نور الله الحسيني المرعشي الشوشتري، وكان يسكن بالهند، ولعله موجود إلى الآن أيضا، لأني وجدت في هراة في جملة كتب المولى رضي الدين في ديباجة شرح الصحيفة الكاملة [شرح ممزوج لا يخلو من طول، وترك شرح الديباجة، وشرح من أول الأدعية] الموسوم بكتاب رياض العارفين الذي كان من تأليفات المولى شاه محمد بن المولى محمد الشيرازي الدارابي، أن هذا السيد كان من تلامذته، وأن المولى شاه محمد المذكور لما ورد إلى بلاد الهند ولم يكن لشرحه المذكور ديباجة، أمر السيد المذكور بكتابة ديباجة لذلك الشرح.
والظاهر أن المراد بالمولى الشاه محمد المذكور: هو المولى شاه محمد الشيرازي المعاصر الساكن الآن بشيراز، فإنه قد رجع من الهند في قرب هذه الأوقات، ولكن قد بالغ هذا السيد في وصف هذا المؤلى بالفضل والعلم بما لا مزيد عليه. انتهى (منه قدس سره).
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»