خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ١٩٧
والأنواع، من خطب وكتب، ومواعظ وحكم، وبوبناه أبوابا ثلاثة، يشتمل على هذه الأقسام مميزة مفصلة، وقد عظم الانتفاع به، وكثر الطالبون له، لعظيم قدر ما ضمنه من عجائب الفصاحة وبدايعها، وشرايف الكلم ونفائسها، وجواهر الفقر وفرائدها.
وكلامه صلى الله عليه مع ما ذكرنا من علو طبقته، وخلو طريقه، وانفراد طريقته، فإنه إذا حول ليلحق غاية من أدنى غايات القرآن، وجد ناكسا متقاعسا، ومقهقرا راجعا، وواقفا بليدا، وواقعا بعيدا، على أنه الكلام الذي وصفناه بسبق المجارين، والعلو عن المسامين. فما ظنك بما دون ذلك من كلام الفصحاء، وبلاغات البلغاء، الذي يكون بالقياس إليه هباء منثورا، وسرابا غرورا؟!
وهذا الذي ذكرناه أيضا من معجزات القرآن إذا تأمله المتأمل، وفكر فيه المفكر، إذ كان الكلام المتناهي الفصاحة، العالي الذروة، البعيد المرمى والغاية إذا قيس إليه وقرن به شال في ميزانه، وقصر عن رهانه، وصار بالإضافة إليه قالصا بعد السبوغ، وقاصرا بعد البلوغ، ليصدق فيه قول أصدق القائلين سبحانه إذ يقول: * (وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميدا) * (1).
وقد ذهبنا من غرض المسالة بعيدا، للداعي الذي دعانا، والمعنى الذي حدانا، ونحن نعود إلى عود القول فيها بإذن الله.
وقد كان بعض من رام كسر المذهب الذي - تقدم ذكرنا له - عن المبرد، واختيارنا طريقته فيه، سأله عن قول الله سبحانه: * (هذا بلاغ للناس و لينذروا به) * (2) فقال: قد علمنا أن هذه (اللام) لام كي، فما معنى إدخال

(١) فصلت ٤١: 41 - 42.
(2) إبراهيم 14: 52.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»