تأمل في كلمات شيخنا الصدوق، ولاحظ مؤلفاته المشهورة، المتداولة بيننا في هذه الاعصار، وتأمل في تضاعيف كتابه الذي عمله لبيان أحوال مولانا الرضا عليه السلام وأخباره، وكذا كتاب فقيهه الذي عمله في الفقه، وسعى في تهذيبه وتنقيحه، وجعله حجة فيما بينه وبين الله، حصل له العلم بأنه لم يكن لديه.
وأما الخامس: فيظهر حاله مما فصلناه سابقا، ولا يخفى أنه من أبعد الوجوه.
وحيث قد وقفت على ما تلوناه عليك، علمت أن ما مر - من أن كون كثير من عباراته عبارات (رسالة علي، مما يؤيد اعتباره - خلاف التحقيق، وإن الامر منعكس.
قال. وما يتوهم من أن بناء الصدوق على الاعتماد على) (1) رسالة أبيه، يشهد بأنه كان يعلم أنه أخذها من هذا الكتاب، ومنه يظهر عذره في عده الرسالة في الفقيه من الكتب التي عليها المعول، وإليها المرجع، فإنه لم يكن يقلد أباه حاشاه عن ذلك.
مدفوع، بأنه يكفي في اعتماده عليه علمه بأن ما يذكره فيه مأخوذ عن أهل بيت العصمة والطهارة، وإنه ملخص من متون الأخبار المعتبرة المعتمدة، وليس أمرا صادرا عن اجتهاد، وعن سائر القواعد المستنبطة المعروفة بين أصحابنا المتأخرين، كما يشهد به ديدن القدماء.
ولذا ذكر شيخنا الشهيد في الذكرى أن الأصحاب كانوا يتمسكون بما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه عند إعواز النص، لحسن ظنهم به، وإن فتواه كروايته (2)، فإن الظاهر أن كتاب الشرائع هو الرسالة إلى ولده