وفوقها، من الوصول والاتحاد والفناء، ومقامات لم يدعيها نبي من الأنبياء ووصي من الأوصياء، فكيف بأتباعهم من أهل العلم والتقى! مع ما فيها مما لا يليق نسبته إلى مقدس حضرته جل وعلا، ويجب تنزيهه عنه سبحانه وتعالى عما يقوله الظالمون.
وأما المقصد الثاني فحاشا أهل الشرع والدين، فضلا عن العلماء الراسخين، أن يميلوا إليه أو يأملونه، أو يتفوهون به، وأغلب ما ورد في ذم الجماعة ناظر إلى هذه الدعوى ومدعيها.
وأما الأول فقد عرفت مشاركتهم فيه، وإن فارقوا القوم في بعض الطرق، وحيث أنهم بلغوا الغاية فيما ألقوه في هذا المقام، والحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها، ترى مشايخنا العظام، والفقهاء الكرام كثيرا ما يراجعون إليه، وينقلون عنه، ويشهدون بحقيته، ويأمرون بالأخذ به، فصار ذلك سببا للطعن عليهم، ونسبتهم إلى الصوفية، أو ميلهم إلى المتصوفة، ظنا منهم الملازمة بين المقصدين، وإن من يحض على تهذيب النفس، وتطهير القلب، ويستشهد في بعض المقامات، أو تفسير بعض الآيات بكلمات بعضهم، مما يؤيده أخبار كثيرة، فهو منهم ومعهم في جميع دعاويهم.
وهذا من قصور الباع، وجمود النظر، وقلة التدبر في مزايا الكتاب والسنة.
وآل أمرهم إلى أن نسبوا مثل الشيخ الجليل، ترجمان المفسرين أبي الفتوح الرازي، وصاحب الكرامات علي بن طاووس، وشيخ الفقهاء الشهيد الثاني - قدس الله أرواحهم - إلى الميل إلى التصوف كما رأيناه، وهذه رزية جليلة، ومصيبة عظيمة لا بد من الاسترجاع عندها.
نعم يمكن أن يقال لهم تأدبا لا إيرادا، إن فيما ورد عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم غنى ومندوحة عن الرجوع إلى زبرهم وملفقاتهم ومواعظهم، فإنك إن غمرت في تيار بحار الاخبار، لا تجد حقا صدر منهم إلا