وصارت الأمة شيعا، وافترقوا افتراقا، ودرس أكثر السنن وانقطع، ونجم حادث البدع فارتفع، واتخذت كل فرقة من فرق الضلال رئيسا لها من الجهال، فاستحلت بقوله الحرام، وحرمت به الحلال، تقليدا له واتباعا لامره، بغير برهان من كتاب ولا سنة، ولا بإجماع جاء من الأمة، فذكرنا عند ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (لتسلكن سبيل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، فكانت الأمة - إلا من عصمه الله منها بطاعته، وطاعة رسوله وأوليائه، الذين افترض الله طاعتهم - في ذلك كمن حكى الله عز وجل نبأه من الأمم السالفة، بقوله عز وجل:
﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ (1).
وروينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه تلا هذه الآية فقال:
(والله ما صاموا لهم، ولا صلوا إليهم، ولكنهم أحلوا لهم حراما فاستحلوه، وحرموا عليهم حلالا فحرموه).
وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا ظهرت البدع في أمتي، فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله).
وقد رأينا وبالله التوفيق عند ظهور ما ذكرناه، أن نبسط كتابا جامعا مختصرا، يسهل حفظه، ويقرب مأخذه، ويغني ما فيه من جمل الأقاويل، عن الاسهاب والتطويل، نقتصر فيه على الثابت الصحيح، مما رويناه عن الأئمة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين، من جملة ما اختلف فيه الرواة عنهم، في دعائم الاسلام، وذكر الحلال والحرام، والقضايا والاحكام.
فقد روينا عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، أنه قال: (بني الاسلام على سبع دعائم: الولاية وهي أفضلها، وبها وبالولي يوصل إلى