بصحتها لابد من ابتنائه على وجه صحيح لا يتطرق به القدح إليهم ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمن هذا حاله، كأن يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقف، أو بعد توبته ورجوعه إلى الحق، أو أن النقل إنما وقع من أصله الذي ألفه واشتهر عنه قبل الوقف، أو من كتابه الذي ألفه بعد الوقف ولكنه أخذ ذلك الكتاب عن شيوخ أصحابنا الذين عليهم الاعتماد، ككتاب علي بن الحسن الطاطري، فإنه وإن كان من أشد الواقفية عنادا للإمامية فان الشيخ شهد له في الفهرست بأنه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وروايتهم إلى غير ذلك من المحامل الصحيحة.
والظاهر أن قبول المحقق رواية علي بن أبي حمزة مع تعصبه في مذهبه الفاسد مبني على ما هو الظاهر من كونها منقولة من أصله وتعليله يشعر بذلك، فان الرجل من أصحاب الأصول.
وكذلك قول العلامة بصحة رواية إسحاق بن جرير عن الصادق عليه السلام فإنه ثقة من أصحاب الأصول أيضا وتأليف هؤلاء أصولهم كان قبل الوقف لأنه وقع في زمن الصادق عليه السلام فقد بلغنا عن مشايخنا قدس الله أرواحهم أنه قد كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا من أحد الأئمة عليهم السلام حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه أو كله بتمادي الأيام، وتوالي الشهور والأعوام، والله أعلم بحقايق الأمور انتهى.
وهذا الكلام يستلزم الحكم بصحة أحاديث الكتب الأربعة وأمثالها من الكتب المعتمدة التي صرح مؤلفوها وغيرهم بصحتها، واهتموا بنقلها ورواياتها، واعتمدوا في دينهم على ما فيها.
ومثله يأتي في رواية الثقات الاجلاء كأصحاب الاجماع ونحوهم عن الضعفاء والكذابين والمجاهيل، حيث يعلمون حالهم ويروون عنهم ويعملون بحديثهم ويشهدون بصحته، وخصوصا مع العلم بكثرة طرقهم وكثرة الأصول الصحيحة عندهم وتمكنهم من العرض عليها بل على الأئمة عليهم السلام فلا بد من حمل فعلهم وشهادتهم بالصحة على وجه صحيح لا يتطرق به الطعن