الأرض وجب أن يكون هناك منزل إليه وهو إما حاكم الجور أو حاكم العدل والأول باطل لأن الجائر معزول عن الحكم بالضرورة ولقوله تعالى: (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت) أي التابع للهوى النفسانية والوساوس الشيطانية فهو لا يصلح أن يكون وليا للمؤمنين وموردا للملائكة ومتكفلا لأمر الخلق بالأمر والنهي فتعين الثاني وهو المطلوب.
قوله (هو من الملائكة والروح) الضمير راجع إلى الأمر الحكيم أي الأمر المحكم المتقن المتضمن للحكم والمصالح. والجملة خبر بمعنى الاستفهام.
قوله (وأهل الأرض أحوج الخلق) الواو إما للعطف على قوله من سماء أو للحال.
قوله (فإن قالوا فإن الخليفة هو حكمهم) الحكم بالتحريك هو الحاكم والمراد بالخليفة سلطان العصر وخلفاء الجور، وهذا القول مشعر بأن أهل الخلاف أيضا قائلون باستمرار حكم ليلة القدر وقد صرح به جماعة من علمائهم وادعوا الإجماع عليه فما ذكروه أولا من أن الله تعالى لا يرسل إلا إلى نبي كان مكابرة.
قوله (فقل الله ولي الذين آمنوا) ملخص الجواب أن ولي المؤمنين وجب أن يكون متصفا بإخراجهم من ظلمات الجهل إلى العلم وولي الكافرين والفاسقين عكس ذلك فكيف يكون ولي الكافرين والفاسقين ولي المؤمنين وتنزل إليه الملائكة وتجعله واليا لأمرهم ونهيهم.
قوله (ومن خذل لم يصب) فكيف يجعل من يخطأ ولا يصيب وليا للمؤمنين.
قوله (كما أن الأمر لابد) دفع بذلك توهم أن الملائكة تنزل لا إلى أحد.
قوله (قولوا ما أحببتم) دل على أن قولهم لا نعرف هذا محض المحبة النفسانية والهوى الشيطانية من غير أن يكون له أصل يستند إليه ومأخذ يعتمد عليه.
قوله (أبى الله أن يترك بعد محمد العباد ولا حجة عليهم) وإنما أبى ذلك لئلا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة ولئلا يبطل الغرض من إيجادهم، وحجته تعالى عليهم يجب أن يكون من أهل العصمة والطهارة ليتم الوثوق بقوله وفعله وأمره ونهيه ووعده ووعيده.
قوله (ثم وقف) لعل المراد بالوقوف القيام لتعظيمه (عليه السلام) ورعاية الأدب والغامض من الكلام خلاف الواضح وهذا اعتراض على قوله (عليه السلام) «أبى الله أن يترك بعد محمد العباد ولا حجة عليهم» فكأنه قال: هذا حق ولكن الحجة هو القرآن فلا يتم المطلوب.
قوله (فال إذن أقول) حاصله: أن القرآن ليس بحجة إلا بناطق مؤيد يعلم ظاهر القرآن وباطنه وباطن باطنه ويتمر وينهى بالحق ولذلك ترى كل واحدة من الفرق المختلفة يتمسك بالقرآن وتخاصم به الاخرى وتحمله على المقاصد الباطلة فعلم من ذلك أن القرآن ليس بحجة مستقلة.