شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٩٨
ذلك الحجاب بقوة الإشراقات القلبية (1) الحاصلة من أجل متابعة النواميس الإلهية والقوانين الشرعية التي بينها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لوصية أمير المؤمنين (عليه السلام) وبينها أمير المؤمنين (عليه السلام) للامة وهداهم إليها فمن عرف صفاته بتعليمه (عليه السلام) وجردها عن شوائب الأوهام ومفتريات الأفهام فهو من أصحابه (عليه السلام) ومن عرفها برأيه وأخذها بوهمه فهو ضال مضل شبه ربه بالخلق وظالم لنفسه ولمن تبعه ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون، ثم هذا طريق المتوسطين (2) في معرفته تعالى وأما الكاملون بالنفوس القدسية كالأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) فهم يعرفونه بذاته ويشاهدونه بأبصار القلوب الصافية، ثم يعرفون آثاره وأفعاله كما يرشد إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله».
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن أسماء الله واشتقاقها، الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي: يا هشام الله مشتق من إله والإله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الله الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أفهمت يا هشام، قال: فقلت زدني قال: إن لله تسعة وتسعين إسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره، يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم

1 - قوله «إن يرفع ذلك الحجاب بقوة الإشراقات» أجاد البيان غايته في شرح الحديث ولم يبق لأحد كلاما إلا توضيحا وتمثيلا والحاصل إن الإنسان لكونه في عالم الفرق والكثرة يرى كل شيء متميزا عن الآخر مباينا عنه وعلى اصطلاح المنطقيين يلاحظ كل مفهوم بشرط لا عن الآخر وأسامي الله تعالى ومفاهيم صفاته كالعلم والقدرة والحياة وغيرها متميز والمصداق واحد وكذلك معرفة الأئمة (عليهم السلام) فمن الناس من كان يعرفهم بأنهم من أولاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويكرمهم كما نكرم الذرية الطيبة ومنهم من كان يعرفهم بأنهم علماء محدثون ويجعلونهم في رتبة الشافعي وربيعة الرأي ومنهم من يقول بعصمتهم وطهارتهم ووصول أحكام الله إليهم من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإسناد واستحقاقهم الخلافة لأنهم أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كبعض الزيدية ومنهم من يعتقد فيهم الولاية والإلهام والرابطة مع الله تعالى وكونهم مؤيدين بروح القدس وعدم انحصار علومهم في النقل والرواية، وإمامتهم بالنص والتعيين من الله تعالى ومنهم من يجاوز ذلك حتى يقول بتصرفهم في الأكوان والإماتة والإحياء وغير ذلك والمعرفة الحقيقية أن يعلم ما هم عليه وكذلك عبادة الله تعالى باعتبار صفة من صفاته ليس عبادة له تعالى ومعرفة بل عبادة تلك الصفة خاصة إلا أن تقصد المعنى أي المصداق والحقيقة وتجعل الصفة إشارة إليه وليس ذلك سهلا على أكثر الناس فصح أن يقال هذه الصفات حجب. (ش) 2 - قوله «هذا طريق المتوسطين» أي من عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته وأما الكاملون فهم يعرفونه بذاته ثم يعرفون آثاره. (ش)
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست