والأرواح تسكن إلى معرفته، أو من أله إذ أفزع من أمر نزل عليه لأن العابد يفزع إليه في النوائب أو من أله الفصيل إذا ولع بأمه إذ العباد مولعون بالتضرع إليه في الشدائد، أو من وله إذا تحير وتخبط عقله وكان أصل إله ولاها قلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها فقيل إليه، وقيل أصله لاه مصدر لاه يليه لاها إذا احتجب وارتفع لأنه تعالى محجوب عن إدراك الأبصار ومرتفع على كل شيء وعما لا يليق به.
ويحتمل أن يقرأ أيضا إله في هذا الحديث بفتح اللام وكسرها فيرجع اشتقاق الله منه (1) إلى المعاني المذكورة بلا واسطة وبالجملة المستفاد من هذا الحديث ان الله أصله إله على فعال أو فعل بفتح العين أو كسرها وأنه يجري فيه ما يجري في أصله من المعاني المذكورة وأنه صفة كأصله وإن صار علما لذاته المقدسة كالنجم للثريا وبذلك يظهر بطلان قول من قال: إن الله غير مشتق من شيء وأنه علم في الأصل لذاته المخصومة لانه يوصف ولا يوصف به ولأنه لا بد له من اسم يجري عليه صفاته ولا يصلح لذلك ما يطلق عليه من الأسماء سوى الله ولأنه لو كان وصفا لم يكن لا إله إلا الله توحيدا مثل لا إله إلا الرحمن فإنه لا يمنع الشركة بحسب أصل الوضع الوصفي، قال القاضي:
والأظهر أنه وصف في أصله لكنه لما غلب عليه بحيث لا يستعمل في غيره وصار كالعلم مثل الثريا أجري مجراه في إجراء الأوصاف عليه وامتناع الوصف به وعدم تطرق احتمال الشركة إليه لأن ذاته من حيث هو بلا اعتبار أمر آخر حقيقي أو غيره غير معقول فلا يمكن أن يدل عليه بلفظ ولأنه لو دل على مجرد ذاته المخصوصة لما أفاد ظاهر قوله تعالى «وهو الله في السماوات وفي الأرض» معنى صحيحا ولأن الاشتقاق هو كون أحد اللفظين مشاركا للآخر في المعنى والتركيب وهو