شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٦٧
ومائية؟ قال: نعم لا يثبت الشئ إلا بإنية ومائية قال له السائل: فله كيفية؟ قال: لا لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة ولكن لابد: من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه لأن من نفاه فقد أنكره ودفع ربويته وأبطله، ومن شبههه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره. قال السائل: فيعاني الأشياء بنفسه؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا تجيء الأشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة وهو متعال نافذ الإرادة والمشيئة فعال لما يشاء.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال للزنديق حين سأله ما هو) أي ما حقيقته أو ما صفاته وخواصة المميزة له عن غيره (قال: هو شئ بخلاف الأشياء) أي معلوم لا كساير المعلومات أو هو موجود لا كسائر الموجودات يعني لا يعرف أحد حقيقة ذاته وصفاته وإنما يعرف بمفهوم سلبي وهو أنه موجود مغاير لخلقه في الذات والصفات مثل الإمكان والحدوث والتحيز والاحتياج وغيرها.
(ارجع بقولي) هو شئ (إلى إثبات معنى) معبر عنه بالشيء (وأنه شئ بحقيقة الشيئية) أي بالشيئية الحقة الثابتة في حد ذاتها أو المراد أن شيئيته عين ذاته لا خارجة عنها ووصف لها كما في الممكنات (غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الأزمان) مر شرحه مفصلا (1) في آخر الباب السابق وقوله «لا

1 - قوله «مر شرحه مفصلا» وهو حديث واحد نقل صدره في الباب السابق وذيله هنا وبينهما كلام نقله في الموضعين. واعلم أن ما سيأتي من كلام الإمام (عليه السلام) مبني على أن الألفاظ إذا خليت ونفسها وألقيت على السامع وأحيل على ما يتبادر ذهنه إليه ربما غلط وذهب إلى مرتكزات خاطره وذلك لأن المعاني أكثر من الألفاظ أضعافا مضاعفة ولا بد للمتكلم أن يستعير اللفظ الموضوع لمعنى ويطلقه على ما يقرب إليه ويناسبه مثلا العلو موضوع للعلو الجسماني ولله تعالى غلبة وعلو معنوي على الخلق فيستعار لفظ العلو ويطلق عليه تعالى ويذهب ذهن الناس منه إلى العلو الجسماني حتى إذا قيل أنه تعالى فوق رؤوسنا لم يستوحش منه وإذا قيل إنه تعالى تحت أرجلنا استوحش مع أن العلو المعنوي يقتضي أحاطته بخلقه مطلقا. ولكن لما لم يكن في اللغة لفظ موضوع للعلو المعنوي غير ما هو موضوع للعلو الجسماني لم يكن بد من الاستعارة والتنبيه على المقصود حتى لا يلزم الغلط وضلال المجسمة ناشئ من ذلك واختلاف الناس في وحدة الوجود أيضا من ذلك لأن الذهن الساذج يفهم من وحدة الوجود حلول جسم في جسم كنفوذ الماء في المتخلل والهواء في الرية بالتنفس. (ش)
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست