(فقال له: هشام إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب) ها بالقصر وهاء ساكنة الألف وهاء بمدها وفتحها وهاك كلها اسم فعل بمعنى خذ ولهذا الجواب وجهان.
أحدهما وهو المقصود انطباع صورة المرئي في الجليدية على نحو الوجود الظلي كما هو مذهب الطبيعيين من أن الإبصار بالانطباع.
وثانيهما دخول عين المرئي المتقدر بالمقدار الكبير فيها من غير أن يصغر أحدهما أو يكبر الآخر وهذا محال والمحال لا يتعلق به القدرة وعدم تعلقها به لا يوجب العجز كما يدل عليه ما رواه الصدوق في كتاب التوحيد باسناده عن عمر بن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا وتكبر البيضة؟ قال:
«إن الله لا ينسب إلى العجز والذي سألتني لا تكون» يعني أن الله لا يعجز عن شئ من الممكنات والذي سألتني عنه محال لا يتعلق به القدرة وعدم تعلقها به لا يوجب العجز والنقص إذ لا نقص فيها وإنما النقص في المحال لعدم كونه قابلا للوجود.
فإن قلت: الديصاني سأل عن قدرته على إدخال عين المقدار الكبير في الصغير لا على إدخال صورته فيه فليس هذا الجواب جوابا عنه قلت: الجواب صحيح واقع على وفق الحكمة والمقام.
بيان ذلك أن الديصاني لما كان منكرا لوجود الرب القادر وكان غرضه من هذا السؤال إلزام القائلين بوجوده فلو أجيب بأنه يقدر على الإدخال العيني كان الجواب غير مطابق للواقع لكون هذا الإدخال محالا فلم يكن له مصداق في المحسوسات والسائل لا يحكم إلا بما فيها ولو أجيب بأنه لا يقدر عليه لأنه محال وعدم تعلق القدرة لا يوجب العجز كما أجاب به أمير المؤمنين (عليه السلام) رسخ بذلك عدم قدرته على الإطلاق في ذهنه وازداد جهله وحصل غرضه على زعمه (1) فالحكمة