شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٦
ومحجوب بالجر صفة لحجاب والغرض منه دفع ما يتوهم من قوله «احتجب» من أن احتجابه عن العقول بحجاب غليظ مانع من إدراك وجوده بالكلية يعني احتجابه ليس بحجاب محجوب ومستور به بأن يكون بعضه وراء بعض وهذا كناية عن نفي كون حجابه غليظا مانعا عن مشاهدة وجوده نظير ذلك قوله تعالى (حجابا مستورا) قال الجوهري في تفسيره أي حجابا على حجاب والأول مستور بالثاني يراد بذلك كثافة الحجاب والله أعلم.
(عرف بغير رؤية) الفعل إما مبني للمفعول أو مبني للفاعل و «رؤية» على التقديرين إما بضم الراء وسكون الواو أو بفتح الراء وكسر الواو وشد الياء فهذه احتمالات أربعة أما الأول: وهو المراد في ظني والباقي من الاحتمالات البعيدة فمعناه أنه تعالى عرف وجوده بغير رؤية بالأبصار، بل بآياته وآثاره وقد سبق مرارا أنه منزه عن الرؤية بحاسة البصر، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه بقوله «المعروف بغير رؤية» وأما الثاني: فمعناه عرف وجوده بغير فكر واستدلال وفيه إشارة إلى أن وجوده بديهي (1) كما ذهب إليه بعض المحققين أو إلى أن عرفانه بالحقيقة ليس إلا بالمشاهدة الحضورية كما هي لبعض العارفين وأما الثالث: فمعناه أنه تعالى عرف الأشياء بغير رؤية بحاسة البصر لتنزه قدسه عنها، وأما الرابع: فمعناه أنه تعالى عرف الأشياء بغير رؤية بحاسة البصر لتنزه قدسه عنها، وأما الرابع فمعناه أنه تعالى عرف الأشياء من غير استعمال روية وفكر وشوق وقصد، متوسط بينه وبين معلوماته كمعرفتنا للأشياء بل معرفته للأشياء عبارة عن انكشافها وحضورها عند ذاته بذاته.
(ووصف بغير صورة) أي وصف بأنه ليس بصورة ولا شكل ولا كيفية أو وصف بغير صفة فإنه وصف مثلا بأنه قادر بغير قدرة زائدة على ذاته وإطلاق الصورة على الصفة شايع أو وصف بغير حد لأنه بسيط ليس له مهية مركبة فليس له حد.
(ونعت بغير جسم) أي بأنه ليس بجسم ولا جسماني لتقدسه عنهما ولما ذكر (عليه السلام) من صفاته

1 - قوله «فيه إشارة إلى أن وجوده بديهي» قد مر في الحديث الثالث من باب نفي الرؤية أن معرفته في الدنيا اكتساب وفي الآخرة ضروري إن كانت بالرؤية قلنا هناك أن الضروريات منحصرة في ست ولا يحتمل في معرفة وجود الباري إلا الحدس وهو غير حاصل إلا للأوحدي من الناس ولا يناسب قوله (عليه السلام) هنا «عرف بغير روية» إلا أن يكون لجميع الناس فالمتعين قراءة لفظ رؤية بضم الراء والهمزة بمعنى الأبصار لا الروية بمعنى التفكر وإن حمله عليه أستاد الحكماء صدر المتألهين (قدس سره). (ش)
(٢٢٦)
مفاتيح البحث: الستر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست