شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٧
الفعلية والتنزيهية (1) ما دل على كمال عظمته ونهاية علوه وشرف رتبته أشار إلى التوحيد المطلق بقوله (لا إله إلا الله) نفيا لمشاركة الغير معه في الصفات المذكورة المقتضية لإلهيته واستحقاقه للعبادة.
(الكبير المتعال) أي العظيم الذي لا يستنكف شيء عن عظمته ولا يمتنع عن نفاذ حكمه وقدرته ولا يخرج عن علمه وسلطنته والمتعالى الذي تعالى بشرف ذاته وصفاته على أن يتصف بصفات المخلوقات ونعوت المصنوعات أو أن تدركه دقايق الأفكار ونواظر الأبصار.
* الأصل:
4 - محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن علي بن العباس، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن حكيم قال: وصفت لأبي إبراهيم (عليه السلام) قول هشام بن سالم الجواليقي وحكيت له قول هشام بن الحكم أنه جسم فقال: إن الله تعالى لا يشبهه شيء، أي فحش أو خنى أعظم من قول من

1 - قوله «من صفاته الفعلية والتنزيهية» المستفاد من كلام صدر المتألهين في شرح هذا الحديث الشريف أنه مشتمل على ثلاثة أقسام: الأول: في عد بعض صفاته الفعلية وما يتعلق بخالقيته وإلهيته، الثاني: في تعاليه عن منال إدراك خلقه، الثالث: أن علة اختفائه ظهوره، ثم عد من صفاته ستا: الأولى: أنه فاطر الأشياء، الثانية:
أن إيجاده للأشياء لم يكن من مادة سابقة بل خلق الصورة وخلق المادة، الثالثة: أنه خلق الأشياء بقدرته وحكمته لدلالة أفعاله المحكمة وكون العالم على أشرف نظام وأحكم ترتيب على ذلك، الرابعة: ليس لفعله غرض غير ذاته وهو مفاد قوله «لا لعلة» إذ الظاهر منه الغرض والغاية المغايرة لا العلة المادية والفاعلية إذ لو كان المراد هذا لقال لا بعلة أو لا في علة أو من علة ولكن قال (عليه السلام): لعلة وقال: بعد ذلك «لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته» وهذا يدل على أن غاية فعله إظهار حكمته وأن مقتضى الكمال الإفاضة وهذا أصل من أصول العلم الإلهي، وبيان ذلك أن كل فاعل لشيء لا يخلو أما أن يكون قبل فعله أنقص ويصير بعد الفعل أكمل كطالب العلم يتعلم والسالك يهذب والتاجر يصير مثريا وهكذا.
وأما أن يكون قبل الفعل أيضا كاملا ولا يتغير بفعله عما كان وليس فعله سببا لكماله بل كماله سببا لفعله كما قيل مقتضى ملأ الإناء أن يفيض منه وكلما نراه من الفواعل الممكنة من قبيل الأول وواجب الوجود لا يمكن أن يكون مثلها بل هو من الثاني وهذا هو المراد بقولهم أن أفعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض وغايته ذاته.
الخامسة: أنه خلق ما شاء كيف شاء أي خلق الأشياء بالمشية ومشيته عين ذاته ومحبته للأشياء ليس غيره.
السادسة: بيان لما مر من الغاية لفعله.
والقسم الثاني من قوله لا تضبطه العقول - إلى قوله - تصاريف الصفات» يدل على عدم إدراك أحد ذاته إذ لا يدرك العقل الوجود الحق الواقع في الأعيان بل إنما يتصور صورة من الوجود الخارجي وهذه الصورة ماهية قد تكون في الذهن وقد تكون في الخارج وليس الوجود إلا عارضا من عوارضها المفارقة فليس بواجب الوجود والقسم الثالث من قوله «احتجب» إلى آخر الحديث يدل على أن عدم إدراك الإنسان له تعالى ليس لكونه مفهوما مبهما ولا لوجود حائل ومانع بينه وبين خلقه بل لشدة نوريته وغاية ظهوره. (ش)
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست