شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٨٧
* الأصل:
11 - «عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته وما يضمر النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم أولو الألباب، الذين قال الله تعالى: (وما يتذكر إلا أولو الألباب)».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل) كما قال بالفارسية: «الهى آنرا كه عقل دادي چه ندادي وآنرا كه عقل ندادي چه دادى؟» والمقصود أن العقل أفضل من جميع ما قسمه الله تعالى للعباد وهذا المعنى يفهم من هذه العبارة بحسب العرف فإن المقصود من قولنا ليس في البلد أفضل من زيد هو أن زيدا أفضل من غيره وسر ذلك أن العقل مناط لجميع الفيوضات الدنيوية والاخروية وليس شئ من الأغيار بهذه المثابة، والجهل بحكم المقابلة أخس من جميع الأشياء فيظهر وجه التفريع في قوله (فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل) يعني للعبادة وذلك لأن حقيقة السهر وإن كان أفضل من حقيقة النوم إلا أن النوم المقارن للعقل أفضل وأشرف من السهر المقارن للجهل بحكم المقابلة للملابسة والمجاورة ففيه زيادة مبالغة على شرافة العقل وخساسة الجهل، أو لأن العاقل لا ينام إلا بطهارة ودعاء والملائكة يستغفرون له ويكتبون له الصلاة ما دام نائما، كما نطقت به الأخبار وظاهر أن استغفار الملائكة والصلاة المكتوبة له أفضل من عبادة الجاهل، أو لأن نوم العاقل قلما ينفك عن رؤيا صالحة وهي جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة كما دلت عليه الروايات، فنوم العاقل في الحقيقة معراج له بخلاف سهر الجاهل، أو لأن العاقل لا ينام إلا بقدر الضرورة ويجعل نومه وسيلة إلى عبادة أخرى ولا شك أن نومه على هذا الوجه عبادة مستندة إلى العقل وسهر الجاهل لأجل العبادة وعبادة غير مستندة إليه وظاهر أن العبادة المستندة إلى العقل أفضل من العبادة الغير المستندة إليه، وقد سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا من الحرورية أي الخوارج يتهجد ويقرء فقال: «نوم على يقين خير من صلاة في شك» (1) والوجه فيه ظاهر لأن صلاة الشاك فيما يجب الاعتقاد فيه لا ينفعه ونوم المؤمن له فوائد كثيرة (وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل) أي انتقاله من بلد إلى بلد في طاعة الله تعالى

1 - أورده الشريف الرضي - رحمه الله - في النهج باب المختار من حكم أمير المؤمنين (ع) تحت رقم 97.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست