خواص الجسم والجسمانيات.
(متوحدا بذلك) بالنصب على أنه حال من فاعل خلق، يعني خلق ما شاء حال كونه متوحدا بالذات والصفات بخلقه وإيجاده، غير مستعين أصلا لا بذات آخر ولا بصفات زائدة عليه وإلا لكان ناقصا لاحتياجه في الايجاد إلى الغير.
(لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته) يعني خلق ما شاء على النظام العجيب والصنع الغريب الذي يتحير فيه عقول العقلاء وفحول العلماء; لاظهار علمه وحكمته وحقيقة ربوبيته التي كانت في مكمن الخفاء كما قال: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لاعرف» (1).
(لا تضبطه العقول) أي لا تضبط شرح حقيقة ذاته ولا ماله من كمال صفاته عقول العارفين، لأنه تعالى في علو الذات وارتفاع الصفات إلى حيث يقف دون بلوغه عقول أهل العرفان وأذهان أهل الايقان; وإنما يعرفونه بنحو خاص من المعرفة اليقينية التي هي غاية الوسع للعقول البشرية، ولأنه لا حد لحقيقته لأنه بريء عن أنحاء التركيب الخارجية والعقلية فهي منزهة (2) عن اطلاع العقول عليها، ولا نهاية لصفاته يقف عنده تقدر بها، فلا يكون العقول محيطة ضابطة إياها.
(ولا تبلغه الأوهام) لأنه تعالى ليس بمحسوس والوهم لا ينال إلا المحسوسات.
(ولا تدركه الأبصار) لأن البصر إنما يدرك اللون والضوء وما تتبعها من الجسمانيات والله سبحانه منزه عن الجسمية ولواحقها.
(ولا يحيط به مقدار) لأن المقدار من لواحق الجسمية وأيضا ما يقبله يقبل التحيز والقسمة والزيادة والنقصان ولا يجري شئ من ذلك عليه سبحانه.
(عجزت دونه العبارة، وكلت دونه الأبصار) «دون» ظرف نقيض «فوق» وهو يقصر عن الغاية، والكلال الأعياء يقال: كلت العين إذا أعيت عن الادراك وعجزت عنه، و «الأبصار» بالفتح جمع البصر يعني عجزت قبل بلوغ صفاته عبارة الواصفين، وأعيت قبل بلوغ ذاته أبصار الناظرين، كما أشار إليهما في الصحيفة السجادية على صاحبها أفضل الصلوات وأكمل التحيات «الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين».
(وضل فيه تصاريف الصفات) ضل الشئ يضل: ضاع، والضلال ضد الرشاد، والمعنى ضل في طريق صفاته الحقة تصاريف صفات الواصفين، وأنحاء تعبيرات العارفين، يعني أنهم وإن بالغوا في