أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل قال: فقال (عليه السلام): لا يعبؤ بأهل الدين ممن لا عقل له قلت: جعلت فداك إن ممن يصف هذا الأمر قوما لا بأس بهم عندنا وليست لهم تلك العقول فقال: ليس هؤلاء ممه خاطب الله إن الله خلق العقل فقال له: أقبل فأقبل، وقال له أدبر فأدبر فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أحسن منك أو أحب إلي منك، بك آخذ وبك أعطي».
* الشرح:
(أبو عبد الله العاصمي) هو أحمد بن محمد بن محمد بن عاصم ثقة (عن علي بن الحسن) يعني ابن فضال (عن علي بن أسباط) فطحي ثقة رجع إلى الحق عند النجاشي ولم يرجع عند الكشي، وقال العلامة أنا أعتمد على روايته (عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)) قال: يعني الحسن بن الجهم (ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل) «ذكر» في الموضعين على البناء للمفعول وأصحابنا والعقل في موقع الفاعل يعني ذكر عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أصحابنا الإمامية وأحولاتهم وذكر عنده العقل وتفاوت مراتبه (قال: فقال: لا يعبؤ بأهل الدين بمن لا عقل له) بدل لقوله بأهل الدين وفي بعض النسخ «ممن لا عقل له» ولا يعبؤ على البناء للمفعول والظرف قائم مقام الفاعل والعبء بفتح العين وسكون الباء المبالاة، يقال: ما عبأت بفلان عبأ أي ما باليت به، والمراد بالعقل العقل بالفعل والعقل المستفاد أو ملكة الانتقال إلى العلوم والادراكات الحقة، أو نفس تلك العلوم وسميت تلك العلوم بالعقل لأن العقل مأخوذ من عقال دابة والعلوم تمنع صاحبها من الهلاك كالعقال للدابة يعني لا يبالي بأهل الدين بحسب الظاهر ممن لا عقل له، ولا يلتفت إليه، ولا يعد شريفا مكرما، ولا يثاب ثوابا جزيلا، ولا يعطى أجرا جميلا، وإنما قلنا بحسب الظاهر لأن أهل الدين بحسب الحقيقة من كان له مناط التمييز بين الحق والباطل واستضاء ذهنه بأنوار المعارف الالهية واستنار قلبه بشموس الحقايق الربانية فصار بحيث لا يحجبه ظلمة الهيئآت البدنية والمعارضات الوهمية والخيالية عن ملاحظة أسرار عالم الغيب وأنوار عالم الشهادة، وأما الذي ليس له تلك الفضايل وإن كان من أهل الدين فهو مستغرق بعد في بحر الرذايل يغشاه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض أعني موج الشهوات الداعية إلى الصفات البهيمية وموج الغفلات الداعية إلى الصفات السبعية كالغضب والعداوة والحقد والحسد والمباهات والمفاخرة وأمثالها وسحاب العقائد الفاسدة التي صارت حجابا لنور البصاير عن إدراك نور الحق ومن كانت هذه صفاته كثرت على جوارحه وقلبه زلاته فلا اعتناء بعقائده وعاداته ولا مبالاة في أعماله من صومه وصلاته وسائر عباداته.
(قلت جعلت فداك إن ممن يصف هذا الأمر) أي أمر الإمامة ويقول بها وينسب نفسه إليها وفي قوله «يصف» دون أن يقول يتصف إيماء إلى أن ذلك بمجرد القول الخالي عن العقد اليقيني والإذعان