شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٦٩
وإعانته لهم لا على الظلم ليست من الحمية المذمومة قال علي بن الحسين (عليه السلام): «لم تدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب وذلك حين أسلم غضبا للنبي (صلى الله عليه وآله) في حديث السلا الذي ألقى على النبي (صلى الله عليه وآله)» (1) وقال (عليه السلام): «ليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم» (2).
(والتهيئة وضدها البغي) التهيئة إما بمعنى الموافقة يقال: تهايئوا أي توافقوا أو بمعنى الاصلاح تقول: هيأت الشئ إذا أصلحته، أو بمعنى تهيئة النفس واستعدادها للحركة نحو الفضايل والاعراض عن الرذايل أو بمعنى ما يتبع ذلك الاستعداد من هيئة حسنة راسخة موجبة لعدم ظهور ريبة منها ولبقائها على حالة واحدة واستمرارها عليها وهي في الحقيقة مبدء لتحصيل الكمالات. قال في المغرب: الهيئة هي الحالة الظاهرة للمتهيىء للشيء وقوله (عليه السلام): «اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم» (3) قال الشافعي ذو الهيئة من لم يظهر منه ريبة والبغي بمعنى طلب الشر، يقال: بغى أحدهما صاحبه في شئ أي طلب له شرا أو أراده له وبمعنى التعدي والاستطالة والظلم وكل مجاوزة المحل وإفراط على المقدار الذي هو حد الشرع ولعل المقصود والله يعلم أن الموافقة بين الناس أو بين الإمام والرعية أو إصلاح النفس من رينها وصقلها من كدرة شرارتها أو استعدادها نحو الكمال أو الهيئة التابعة لذلك الاستعداد الموجبة لعدم ظهور ريبة منها ولبقائها على حالة واحدة مع استمرارها على تلك الحالة وعدم خروجها منها من صفات العقل وجنوده والبغي بالمعاني المذكورة من صفات الجهل، هذا وقرأها سيد الحكماء بالبهشة، وقال: البهشة بالباء الموحدة قبل الهاء وقبل الشين المعجمة الارتياح لذي فضل وللمعروف وأحبابه والميل إليه وضدها البغي عليه.
(والنظافة وضدها القذر) في الصحاح النظافة النقاوة وقد نظف الشئ بالضم فهو نظيف ونطفته أنا تنظيفا نقيته والتنظف تكلف النظافة وفي النهاية فيه أن الله تعالى نظيف يحب النظافة. نظافة الله كناية عن تنزهه من سمات الحدوث في صفاته وتعاليه في ذاته عن كل نقص وحبه النظافة من غيره كناية عن خلوص العقيدة ونفي الشرك ومجانبة الأهواء ثم نظافة القلب عن الغل والحقد والحسد وأمثالها ثم نظافة المطعم والملبس عن الحرام والشبهة، ثم نظافة الظاهر بملابسة العبادات ومنه الحديث «نظفوا أفواهكم فإنها طرق القرآن» (4) اي صونوا عن اللغو والفحش والغيبة والنميمة والكذب وأمثالها وعن أكل الحرام والقاذورات والحث على تطهيرها من النجاسات والسواك، والحاصل أن طهارة الباطن والظاهر ونزاهتهما عن جميع ما لا ينبغي اتصاف الناس به ظاهرا أو باطنا

3 - أخرجه أبو داود في السنن ج 2 ص 446 هكذا «اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود».
4 - أخرجه الديلمي في الفردوس كما في كنوز الحقائق للمناوي.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست