ومطروف العين بالضلالة، لا يفيق من سكرة الهوى، فيتبين الطريقة المثلى، وبين عالم بفضلهم، خابر بطيب فرعهم، وأصلهم، يكتم معرفته معاندة، ويغالط نفسه مكايدة، ترجيبا (1) لغرس قد غرسه، وتوطيدا لبناء قد أسسه، وتنفيقا قد قامت له، وائتجارا (2) لجماعة قد التفت عليه.
وكل ذلك طلبا لحطام هذه الدنيا، الوبيل مرتعها، الممر مشربها، المنغص نعيمها، وسرورها، المظلم ضياؤها ونورها، الصائرة بأهلها إلى أخشن المصارع، بعد ألين المضاجع، والناقلة لهم إلى أفزع المنازل، بعد أمن المعاقل، على قرب من المعاد، وعدم من الزاد، ثم تتقلب بهم إلى حيث " تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " (3).
فعاقني عن إجابتك - إلى ملتمسك - ما لا يزال يعوق من نوائب الزمان، ومعارضات الأيام إلى أن أنهضني إلى ذلك اتفا اتفق لي فاستثار حميتي، وقوى نيتي، واستخرج نشاطي وقدح زنادي، وذلك أن بعض الرؤساء - ممن غرضه القدح في صفاتي، والغمز لقناتي، والتغطية على مناقبي، والدلالة على مثلبة - إن كانت لي - لقيني، وأنا متوجه عشية عرفة من سنة ثلاث وثمانين هجرية، إلى مشهد مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر، وأبي جعفر محمد بن علي بن موسى عليهما السلام، للتعريف هناك، فسألني عن متوجهي فذكرت له إلى أين مقصدي، فقال لي: متى كان ذلك؟ يعني أن جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في القول بالوقف، والبراءة ممن قال بالقطع، وهو عارف بأن الإمامة مذهبي، وعليها عقدي ومعتقدي، وإنما أراد التنكيت لي، والطعن على ديني، فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه، واستدعاه خطابه، وعدت وقد قوى عزمي، على عمل هذا الكتاب إعلانا