ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها، وان لها لاهلا خاصة قد سموا لها، وأعطوها بلا حول منهم ولا قوة، الا ما كان من صنع الله لهم وسعادة حباهم الله بها ورحمة ورأفة وتقدم.
قلت: جعلت فداك وما هذا الذي وصفت ولم تسمه، قال: زيارة جدي الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإنه غريب بأرض غربة، يبكيه من زاره، ويحزن له من لم يزره، ويحترق له من لم يشهده، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجله، في ارض فلاة لا حميم قربه ولا قريب، ثم منع الحق وتوازر عليه أهل الردة، حتى قتلوه وضيعوه وعرضوه للسباع، ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب، وضيعوا حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيته به وباهل بيته، فأمسي مجفوا في حفرته، صريعا بين قرابته، وشيعته بين اطباق التراب، قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جده، والمنزل الذي لا يأتيه الا من امتحن الله قلبه للايمان وعرفه حقنا.
فقلت له: جعلت فداك قد كنت آتيه حتى بليت بالسلطان وفي حفظ أموالهم وانا عندهم مشهور، فتركت للتقية اتياته وانا اعرف ما في اتيانه من الخير، فقال: هل تدري ما فضل من أتاه وما له عندنا من جزيل الخير، فقلت: لا، فقال: اما الفضل فيباهيه ملائكة السماء، وأما ما له عندنا فالترحم عليه كل صباح ومساء.
ولقد حدثني أبي انه لم يخل مكانه منذ قتل من مصلي يصلي عليه من الملائكة، أو من الجن أو من الانس أو من الوحش، وما من شئ الا وهو يغبط زائره ويتمسح به ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره.