كامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولويه - الصفحة ٤٤٤
ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنة، لا يفرق بينك وبينهم، يحبون كما تحبي (يحيون كما تحيي (خ ل)، وما في المتن هو الأنسب وهو من الحباء وهو العطاء) ويعطون كما تعطي، حتى ترضى وفوق الرضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك ويزعمون انهم من أمتك برءا من الله ومنك، خبطا خبطا وقتلا قتلا، شتى مصارعهم نائية قبورهم، خيرة من الله لهم ولك فيهم، فاحمد الله عز وجل على خيرته وارض بقضائه، فحمدت الله ورضيت بقضائه بما اختاره لكم.
ثم قال لي جبرئيل: يا محمد ان أخاك مضطهد بعدك، مغلوب على أمتك، متعوب من أعدائك، ثم مقتول بعدك، يقتله أشر الخلق والخليقة وأشقى البرية، يكون نظير عاقر الناقة، ببلد تكون إليه هجرته، وهو مغرس شيعته وشيعة ولده، وفيه على كل حال يكثر بلواهم ويعظم مصابهم، وان سبطك هذا - وأومى بيده إلى الحسين (عليه السلام) - مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك بضفة الفرات بأرض يقال لها: كربلاء، من اجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تفنى حسرته، وهي أطيب بقاع الأرض وأعظمها حرمة، وانها من بطحاء الجنة، فإذا كان ذلك اليوم الذي يقتل فيه سبطك وأهله وأحاطت به كتائب أهل الكفر واللعنة تزعزعت الأرض من أقطارها، ومادت الجبال وكثر اضطرابها، واصطفقت البحار بأمواجها، وماجت السماوات باهلها غضبا لك يا محمد ولذريتك، واستعظاما لما ينتهك من حرمتك، ولشر ما تكافي به في ذريتك وعترتك، ولا يبقى شئ من ذلك الا استأذن الله عز وجل في نصرة أهلك المستضعفين المظلومين، الذين هم حجة الله على خلقه بعدك.
فيوحي الله إلى السماوات والأرض والجبال والبحار ومن فيهن: اني انا الله الملك القادر الذي لا يفوته هارب ولا يعجزه ممتنع، وانا أقدر فيه على الانتصار والانتقام، وعزتي وجلالي لأعذبن من وتر رسولي وصفيي، وانتهك حرمته وقتل عترته ونبذ عهده وظلم أهل بيته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، فعند ذلك يضج كل شئ في السماوات والأرضين بلعن من ظلم عترتك واستحل حرمتك، فإذا برزت تلك العصابة إلى مضاجعها تولى الله عز وجل قبض أرواحها بيده، وهبط إلى الأرض ملائكة من السماء السابعة معهم آنية من الياقوت والزمرد مملوءة من ماء الحياة، وحلل من حلل الجنة وطيب من طيب الجنة، فغسلوا جثثهم بذلك الماء والبسوها الحلل، وحنطوها بذلك الطيب صلت الملائكة صفا صفا عليهم، ثم يبعث الله قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية، فيوارون أجسامهم ويقيمون رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء، يكون علما لأهل الحق وسببا للمؤمنين إلى الفوز، وتحفه ملائكة من كل سماء مائة الف ملك في كل يوم وليلة، ويصلون عليه ويسبحون الله عنده، ويستغفرون الله لمن زاره، ويكتبون أسماء من يأتيه زائرا من أمتك متقربا إلى الله تعالى واليك بذلك، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم، ويوسمون في وجوههم بميسم نور عرش الله: هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء.
فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من اثر ذلك الميسم نور تغشى منه الابصار يدل عليهم ويعرفون به، و كأني بك يا محمد بيني وبين ميكائيل وعلي امامنا، ومعنا من ملائكة الله ما لا يحصي عددهم، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق، حتى ينجيهم الله من هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك، يا محمد أو قبر أخيك أو قبر سبطيك لا يريد به غير الله عز وجل، وسيجتهد أناس ممن حقت عليهم اللعنة من الله والسخط ان يعفوا رسم ذلك القبر ويمحوا اثره، فلا يجعل الله تبارك وتعالى لهم إلى ذلك سبيلا.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فهذا أبكاني وأحزنني، قالت زينب: فلما ضربابن ملجم لعنه الله أبي (عليه السلام) ورأيت عليه اثر الموت منه، قلت له: يا أبة حدثتني أم أيمن بكذا وكذا وقد أحببت ان أسمعه منك، فقال: يا بنية الحديث كما حدثتك أم أيمن، وكأني بك وبنساء أهلك (ببنات أهلك (خ ل) سبايا بهذا البلد أذلاء خاشعين، تخافون ان يتخطفكم الناس، فصبرا صبرا، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لله على ظهر الأرض يومئذ ولي غيركم وغير محبيكم و شيعتكم، ولقد قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أخبرنا بهذا الخبر: ان إبليس لعنه الله في ذلك اليوم يطير فرحا فيجول الأرض كلها بشياطينه وعفاريته، فيقول: يا معاشر الشياطين قد أدركنا من ذرية ادم الطلبة وبلغنا في هلاكهم الغاية وأورثناهم النار الا من اعتصم بهذه العصابة، فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم وحملهم على عداوتهم واغرائهم بهم وأوليائهم حتى تستحكم ضلالة الخلق وكفرهم ولا ينجو منهم ناج، ولقد صدق عليهم إبليس وهو كذوب، انه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالح ولا يضر مع محبتكم وموالاتكم ذنب غير الكبائر.
قال زائده: ثم قال علي بن الحسين (عليهما السلام) بعد أن حدثني بهذا الحديث: خذه إليك ما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا.
العس - بالضم والسين المهملة المشددة - القدح الكبير.
نشج الباكي نشيجا: غص بالبكاء في حلقه من غير انتخاب، والقدر غلت فسمع لها صوت.
خبط خبطا: ضرب ضربا شديدا.
اصطفق الأشجار: اضطربت واهتزت بالريح، والعود تحركت أوتاده.
عنه البحار ٤٥: ١٧٩، بعضه ١٠١: ١١٥، المستدرك ٣: ٥٢٢ (مع التنبيه بأنها ليس من كلام المؤلف)