لا نظن أنه عرفها، فلما توجهنا إلى الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة رضي الله عنها. فقال: " ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟ " قالت: أتيت أهل هذا البيت، فرحمت إليهم ميتهم، وعزيتهم. فقال: " لعلك بلغت معهم الكدى (1)؟ " قالت: معاذ الله أن أكون قد بلغتها معهم وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر. قال: لو بلغتها ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك " رواه أحمد والحاكم والنسائي والبيهقي، وقد طعن العلماء في هذا الحديث وقالوا إنه غير صحيح لان في سنده ربيعة بن سيف وهو ضعيف الحديث، عنده مناكير.
وروى ابن ماجة والحاكم عن محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه.
قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا نسوة جلوس، فقال: " ما يجلسكن؟ " قلن: ننتظر الجنازة قال: " هل تغلسن؟ " قلن: لا. قال: " هل تحملن؟ " قلن: لا. قال: " هل تدلين (2) فيمن يدلي؟ " قلن: لا. قال: " فارجعن مأزورات (3) غير مأجورات ". وفي إسناده دينار بن عمر، قال أبو حاتم:
ليس بالمشهور. وقال الأزدي: متروك. وقال الخليلي في الارشاد: كذاب.
وهذا مذهب ابن مسعود وابن عمر وأبو أمامة وعائشة ومسروق والحسن والنخعي والأوزاعي وإسحاق والحنفية والشافعية والحنابلة.
وعند مالك: أنه لا يكره خروج عجوز لجنازة مطلقا، ولا خروج شابة في جنازة من عظمت مصيبته عليها بشرط أن تكون مستترة ولا يترتب على خروجها فتنة.
ويرى ابن حزم أن ما استدل به الجمهور غير صحيح، وأنه يصح للنساء اتباع الجنازة. فيقول:
ولا نكره اتباع النساء الجنازة، ولا نمنعهن من ذلك. جاءت في النهي عن ذلك آثار ليس شئ منها يصح، لأنها إما مرسلة، وإما عن مجهول. وإما عمن لا يحتج به.
ثم ذكر حديث أم عطية المتقدم وقال فيه: لو صح مسندا لم يكن فيه حجة، بل كان يكون كراهة فقط، بل قد صح خلافه كما روينا من طريق