عمر كان لا يدع أمة تقنع في خلافته وقال إنما القناع للحرائر ولو كان نظر ذلك منها محرما لم يمنع من ستره بل أمر به وقد روى انس ان النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ صفية قال الناس أجعلها أم المؤمنين أم أم ولد؟ فقالوا إن حجبها فهي أم المؤمنين وان لم يحجبها فهي أم ولد فلما ركب وطأ لها خلفه ومد الحجاب بينه وبين الناس متفق عليه وهذا دليل على أن عدم حجب الإماء كان مستفيضا بينهم مشهورا وأن الحجب لغيرهن كان معلوما وقال أصحاب الشافعي يباح النظر منها إلى ما ليس بعورة وهو ما فوق السرة وتحت الركبة وسوى بعض أصحاب الشافعي بين الحرة والأمة لقول الله تعالى (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها) الآية ولان العلة في تحريم النظر الخوف من الفتنة والفتنة المخوفة يستوي فيها الحرة والأمة فإن الحرية لا تؤثر في الامر الطبيعي وقد ذكرنا ما يدل على التخصيص ويوجب الفرق بينهما وان لم يفترقا فيما ذكروه افتراقا في الحرمة ومشقة السير لكن ان كانت المرأة جميلة يخاف الفتنة بها حرم النظر إليها كما يحرم إلى الغلام الذي لم تخش الفتنة بالنظر إليه قال احمد في الأمة إذا كانت جميلة تنقب ولا ينظر إلى المملوكة كم من نظره ألقت في قلب صاحبها البلابل (فصل) والطفلة التي لا تصلح للنكاح لا بأس بالنظر إليها قال أحمد في رواية الأثرم في الرجل
(٣٥٧)