يتيقنها بعد الزوال هي التي كانت قبله فلم يزل يقين الحدث بالشك. وإن كان محدثا قبل الزوال فهو الآن متطهر لما ذكرنا في التي قبلها (فصل) فإن تيقن أنه نقض طهارته وتوضأ عن حدث في وقت واحد وشك في السابق منهما نظر في حاله قبلهما فإن كان متطهرا فهو الآن متطهر لأنه تيقن أنه نقض تلك الطهارة ثم توضأ إذ لا يمكن أن يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة. ونقض هذه الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزول عن اليقين بالشك، وإن كان محدثا فهو الآن محدث لأنه تيقن أنه انتقل عنه إلى طهارة ثم أحدث منها ولم يتيقن بعد الحدث الثاني طهارة والله أعلم فهذه جميع نواقض الطهارة ولا ينتقض بغيرها في قول أكثر العلماء الا أنه قد حكي عن مجاهد والحكم وحماد في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط الوضوء وقول جمهور العلماء بخلافهم وهو أولى ولا نعلم لهم فيما يقولون حجة والله أعلم (مسألة) قال (ومن أحدث حرم عليه الصلاة والطواف ومس المصحف) أما الصلاة فلقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ " متفق عليه والطواف لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الطواف بالبيت صلاة الا أن الله أباح فيه الكلام " رواه الشافعي في مسنده، ومس المصحف روي هذا عن ابن عمر والحسن وعطاء وطاوس وهو قول مالك وأصحاب الرأي، وقال داود يباح مسه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه إلى قيصر آية من القرآن. وأباح الحكم وحماد مسه بظاهر الكف لأن آلة اللمس باطن اليد فينصرف إليه النهي دون غيره ولنا قوله تعالى (لا يمسه الا المطهرون) وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزام " أن لا تمس القرآن الا وأنت طاهر " رواه الأثرم، فأما الآية التي كتاب بها النبي صلى الله عليه وسلم فإنما قصد بها المراسلة والآية في الرسالة أو في كتاب فقه أو نحوه لا تمنع مسه ولا يصير بها الكتاب مصحفا.
إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز مسه بشئ من جسده قياسا على اليد، قولهم ان المس يخص باطن اليد ممنوع بل كل شئ لاقى شيئا فقد مسه (فصل) ويجوز حمله بعلاقته وهو قول أبي حنيفة وروي ذلك عن الحسن وعطاء والشعبي وحماد ومنع منه الأوزاعي ومالك والشافعي تعظيما للقرآن ولأنه مكلف محدث قاصد لحمل المصحف فهو كما لو حمله مع مسه